اسم الكتاب : فدائيو أيان فليمنغ اسم المؤلف : نيكولاس رانكن ترجمة : عبد الخالق علي يقول آلن روس محرر مجلة لندن بأنه كان غالبا ما يرافق أيان فليمنغ ، مبتكر شخصية جيمس بوند، في السنة الأخيرة من حياته- 1964 – لمشاهدة مباريات الكريكيت في سسكس . ويضيف " ان فكرة فليمنغ عن ترك التدخين حسب أوامر الطبيب معناه ان يدخن ثلاثين سيكارة بدلا من ستين ...
وحسب التعليمات فقد قلص احتساء مارتيني الفودكا من ثلاث جرعات الى جرعة واحدة . كان واهنا جدا وبشرته بحمرة الزهرة المصنوعة من الورق". كان يبلغ السادسة والخمسين ولا يتمنى ان يعيش أكثر من ذلك. في إحدى المرات وصف فليمنغ نفسه قائلا " طوال حياتي كانت إحدى قدماي تأبى مغادرة المهد والاخرى تسرع بي إلى القبر". هذا الخليط الغريب من الإحساس بالطفولة والإعياء من الزمن يبدو من ابرز مزايا هذا الرجل. قبل أشهر قليلة زارته (ايفلين واغ) صديقة زوجته (آن) ذات المزاج الحاد ، كان الشعور بالكراهية متبادل بينه وبين ايفلين، حيث كتبت مرة الى نانسي ميتفورد تقول " ان فليمنغ ينظر ويتحدث كما لو انه سيسقط ميتا في أية لحظة" ، وأكد أطباؤه هذا التوجس . من اين جاءت هذه الرغبة بالموت؟ انه انتحار انكليزي بطيء : السمنة المفرطة ، التدخين ، الكحول ، وخليط الأدوية كلها سارعت به الى القبر، وكذلك كان مصير ايفلين التي توفيت بعده بسنتين . مع ذلك فقد كان لديه ما يعيش من اجله، حيث ولد في اسرة اسكتلندية غنية تمتهن الأعمال المصرفية تربط بين أفرادها أواصر قوية، بعدها ذهب الى إيتون ولفترة قصيرة الى ساندهيرست ثم أصبح يعيش على الحوالات التي ترسلها له اسرته وهو يتوهم بانه يعمل في المدينة ، يقول عن نفسه بأنه " أسوأ سمسار أوراق مالية في العالم " ، يستمتع بالنساء الجميلات والسيارات السريعة والسفرات الى الخارج . بعد الحرب ومن خلال مقالة في الصنداي تايمز، بدأ يكتب روايات جيمس بوند، رواية واحدة كل عام من 1953 حتى وفاته هناك الكثير من الثروات يمكن أن تضاف الى شهرته ، فلماذا كان تعيسا؟ من الصعب تفسير حياته التعيسة مع أن الثروة مسحت كل الظلم والصراع والمصاعب من حياته. في رأيي أن فليمنغ لم يستطع أن يتعافى من الحرب العالمية الثانية ، فالحرب كانت، بالنسبة له كما هي للكثيرين من أبناء جيله، عبارة عن ثورة جبارة ومغامرة مذهلة في حياته ، وحدث غير متواز وجد فيه نفسه وشعر من خلاله بقيمة عمله. أي بكلمات أخرى انه كان سعيدا خلال الحرب ،وبعد انتهائها عاد إليه عبث حياته المترفة من حسن حظه تم تجنيده عام 1939 في فرقة الاستخبارات البحرية كمساعد شخصي للقائد ، الادميرال جون غودفري . عمل فليمنغ ضابطا في احتياطي متطوعي البحرية الملكية ، يرتدي الزي الرسمي ويذهب كل يوم للعمل في القيادة البحرية . لقد تغير كل شيء في حياته . نتيجة لهذا الدور والمنصب البارز فقد ارتبط بصميم عالم التجسس السري، وليس هذا فحسب وانما شارك فيه بشكل فاعل أيضا – حيث سافر إلى فرنسا واسبانيا والولايات المتحدة وكندا – يقترح الأفكار والخطط كما يوحيها إليه عقله. بعض هذه الاقتراحات تم تنفيذها وأثبتت نجاحها . كان ابرز تلك الاقتراحات التي استمر العمل بها طويلا، ذلك الاقتراح الداعي إلى تشكيل مجموعة فدائية خاصة – مجموعة صغيرة تقوم بهجوم لجمع المعلومات الاستخبارية – تهجم وتخطف وثائق مؤسسات ألمانية مستهدفة – محطات الرادار ، مكاتب و مؤسسات البحرية الألمانية وما شابه – وتلتقط أي شيء قد يكون مفيدا – سجلات الشفرة ، أوامر الحركة ، بعض أجهزة حل الألغاز وغيرها . القوة التي تم تشكيلها نتيجة لما افرزه عقل فليمنغ كانت تدعى ( الوحدة الهجومية 30 ) و هي مجموعة فدائية شهدت اولى عملياتها في الغارة الكارثية لعام 1942 على ديبي . خلال الغارة كان فليمنغ على ظهر احدى المدمرات القريبة من الساحل ، لم تكن تلك الغارة موفقة الا أن الوحدة اثبتت بانها ذات قيمة عالية في شمال إفريقيا وصقلية وايطاليا ورودس ويوغوسلافيا و في غزو فرنسا وكانت اكثر فاعلية في ألمانيا خلال الأيام الأخيرة للرايخ الثالث عندما خطفت بكل جسارة كل أرشيف البحرية الالمانية الذي يبلغ وزنه 400 طن. هذا الكتاب الرائع يحكي تقدم الوحدة الهجومية 30 خلال الحرب. من حين لآخر يبدو الكتاب وكأنه قصة مخصصة للفتيان، شخصياتها رائعة، حكايات حية عن الإثارة والقتال المميت الذي وجد الفدائيون أنفسهم منخرطين فيه . البحث شفاف بحيث يتملكك أحساس بكيفية عمل هذه الوحدات المستقلة التي يشبه عملها عمل مجموعة الصحراء المترامية والعمليات الجوية الخاصة. بالإضافة الى كونهم مقاتلين جسورين فان لأفراد هذه الوحدة شخصيات قوية . يصف رانكن هؤلاء الرجال غير الاعتياديين – بون رويل ، لوفتي وايمان ، باتريك دلزلجوب ، سانشو غلانفيل ، بيتر هنتنغتون (الأبيض الوحيد) وغيرهم – ويفصّل استغلالهم الجريء من
أثر الحرب العالمية الثانية في مبتكر شخصية جيمس بوند
نشر في: 9 يناير, 2012: 06:40 م