TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > كتابة على الحيطان: ممنوع دخول السياسيين !

كتابة على الحيطان: ممنوع دخول السياسيين !

نشر في: 9 يناير, 2012: 10:11 م

 عامر القيسيإحدى الإذاعات المحلية  العراقية أجرت استطلاعا بين المواطنين حول رد الفعل الذي من الممكن ان يصدر من سياسيينا لو ان مطعما على سبيل المثال كتب يافطة على واجهة مطعمه كتب عليها " ممنوع دخول السياسيين " وهي فكرة مستوحاة من احد المستمعين الذي قال ان مطعما أميركيا كتب صاحبه على واجهته عبارة " ممنوع دخول السياسيين " .
وتابعت باهتمام أجوبة المواطنين عن توقعاتهم بردود فعل السياسيين لدينا ، المثير للدهشة ان جميع الذين أجابوا عن السؤال أو التوقع قالوا ان المطعم سيجري تفجيره ، لم يقل أحد اغلاقه أو تهديد صاحب المطعم أو تعرضه لضغوط معينة. هكذا بكل بساطة " تفجير المطعم " سواء كان خاليا أم مكتظا بالزبائن . ان اجابات من هذا النوع هي تعبير عن وجهة نظر الناس في طبيعة ونوعية  "الحوار" الذي من الممكن أن يجري بين السياسي ومن يرفضه او يختلف معه ، وهي اجابات تعبر عن قناعة الناس بما يمكن  ان يتعرضوا له لو أنهم قاموا بفعل مشابه لصاحب المطعم الاميركي أو قريب منه ، وهي اجابات تشكل رسالة واضحة لسياسيينا عن انطباعات الناس عنهم وعن ردود افعالهم العنفية تجاه المعارضين لهم .ان هذا التشكل النفسي المجتمعي تجاه الطبقة السياسية الحاكمة يعبر بالدرجة الاولى عن عدم ثقة الناس بصورة عامة بقدرة هذه الطبقة على معالجة المشكلات الناتجة عن الازمات السياسية بروح الحوار وتقبل الآخر والاستماع الى النقد الشعبي والاعلامي ، وفي خارج سياقات يافطة المطعم " النموذج " فان كواتم الصوت لدينا قد اسكتت الكثير من الاصوات الوطنية  الاعلامية سواء التي استشهدت بفعل الاجرام المكتوم ام بالتخلي عن منهج التصدي حفاظا على النفس ، وبصورة جماعية شاهدنا ولمسنا كيف تعاملت حكومة المالكي مع  متظاهري ساحة التحرير وملاحقة نشطائهم في ازقة وشوارع البتاوين والكرادة وكيف تم اسكات صوت الاعلامي هادي المهدي بالغدر والدناءة ، فضلا عن الاستخدام السياسي لكل اشكال العنف في التصفيات الجسدية للمعارضين للطبقة السياسية  التي تمتلك اذرعا عسكرية ومسلحين، ولديها ادوات المفخخات واللواصق والكواتم !!ان الذي نتحدث عنه ليس وعيا ناقصا باساليب الحوار الديمقراطي الحضاري، انه منهج مترسخ وثابت ومقتنع ان الازاحة الجسدية هي الطريق الوحيد للوصول الى الاهداف وان الانتقاد مؤامرة كونية على الحزب أو الحكومة أو الشخصية وان الحوار هو لغة أو منهج الضعفاء. هذه الطبقة من  السياسيين مؤمنة بقوة ان العالم الذي تشتغل فيه هو عالم الغابة والبقاء فيها للاقوى وليس للاصلح وان انحناء الاخرين مرتبط شرطيا بارتفاع فوهات البنادق والكواتم وتوقيت المفخخات .من يعترف بهذه الحقيقة من الطبقة نفسها؟لا أحد طبعا! فالجميع يتسلون بخطابات الديمقراطية والحوار والاستماع الى الآخر وبناء دولة المؤسسات والقيادة الجماعية للبلاد فيما تلوّح اذرعهم دائما بالتهديدات الناعمة مرّة والمفضوحة مرّة أخرى!!لو ان هذه الطبقة السياسية المتنفذة وغير المتنفذة تستمع وتصغي الى صوت الشارع وقناعاته بهم قبل غيرهم وتتأمل بما يقوله الناس عنهم.. ربما .. ربما تغيرت اشياء كثيرة !!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram