ياسين طه حافظآخر الصالة منتحياً من دخان السجائر ارتشف القهوةَ حين النساء، بلا تعبٍ يتبادلن أخبارهن، في "الغرفة" الثانيةوأنا أتلهف أن يتعجّلْنَ، يتركْن مجْمعَهنَ.
وتأتي إلى الصالة واحدةٌ هي مَنْ أترقّبُ طلعتهالا أظن بوارقَها خمدتْ، لا أظنُّ فنظرتُها حين مرّتْ تُشيرُ إلى ما مضى.rnأتتبّع قصّتها : خسرت سنواتِ التفتّح إذْ قطعتْ رحلة الحبَّ وعادت ببُقيا السلالة نادمةً لتزخرفَ أحزانها وتموّهَ قفْراً بأبيات شعرٍوأزياءَ نافقةٍوتحاول تظفر بالألَقِ العالقِ بالريح والقصص الغائبة.rnشاطئ من بعيد أضاءْوأماميََ زهريةٌ .الأقحوانة لامعة وسط خضرتهاوالزعيق حواليّ والضحكات الطوالْوأنا قابع في ضبابْ .rnأتتبع قصتهاهي الآن في الزحمةِ، ما بينهنّتعرف النظراتِ الخفيضةَ مني.وما بين حين وحين تميلُ لتلمحهالا تريد مباعدةً أو خسارة وَهْمٍ تظن به أملاً تستلذُّ به رغبةًلا عجاً خَجِلا.."أهو الحبًُّ يخبّؤهُ قدَرٌ مسرِعٌ أم هي واحدةٌ من رغابٍ تمرُّ وتُطْفَأُ ؟ذا شاعرٌ جاء ضيفاً ليعشقَ، أم واحدٌ من غواةٍ كثيرينَ...؟ لكنه وَلِهٌ، سَورْةُ الله في وجهه ويديهوأنا لا أُريد مفارقةً، وهجٌ قلِقٌ بينناحائمٌ، هل يحطّ عليّ، عليه.. ؟rnأيُّ سانحةٍ عبر هذا الزحامْوهراء الصحافة والمطبخ والسوقِ وما دار في البرلمان! هو هذا الصدَأْيزحفُ فوق بهاء المدينةِ والناس، هذا الصدأْيزحفُ... هل ستغادرُ ضوضاءها وتجيءُفهذا الذي ظلَّ يرنو لها ويتابع إيقاع مشيتها في غيابةِ خلوتهِ ويبادلُها نظراً صامتاً...،ها هو يُبْعَثُ من قَفْرِهِليعود بكل صبابتهٍ مثلما تائهٍ لها.rnكيف لي استعيدُ الضياء الذي ضاع في الحشدِ وهذي الرؤوسُ القتامْليس غير إشارات أيديهمُ والصخَبْ، غير أن يفرغوا في المقاهي وفي الردهاتِ،تجاويفَهم ليعودوا حثالة ناس بأحذية مُتْرباتيجرُون قمامة تاريخهم لأسِرَّتهمجُثثاً تتثاءبُ ثم تنامْ.rnقبل أن ينتهي الكلامْمرَقَتْ بينهم لتودِّعَني ،تتقصّدُني بالسلامْ لتمدّ يدا وتقول بنظرتها : ما يزالُ لنا ما يلامِسُ أرواحَنا في الحُطامْ...
ما تبقّى لنا
نشر في: 10 يناير, 2012: 06:11 م