TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > سلاما ياعراق: الاسلاميون: حرب على الأعداء ومعارك ضد الأصدقاء

سلاما ياعراق: الاسلاميون: حرب على الأعداء ومعارك ضد الأصدقاء

نشر في: 10 يناير, 2012: 06:58 م

 هاشم العقابيمن بين أخطاء أحزاب وحركات الاسلام السياسي، هو أنها حين تشن حربا على "عدو" تبدأها بمعركة مع ما يفترض ان يكون من اقرب الناس اليها. فالقاعدة، مثلا، والتي تعد من أشد التنظيمات الاسلامية راديكالية وتطرفا حين اعلنت الحرب على الغرب "الكافر" وفي مقدمته امريكا، بدأت معركتها مع الشيعة المسلمين. سمعت مرة محاضرة مسجلة لاسامة بن لادن ينبه اتباعه فيها الى ان العدو الاول هم الشيعة قبل امريكا لان الشيعة، برأيه عدو "فكري" وامريكا عدو سياسي. وعنده الفكري اخطر من السياسي.
هذا المنهج في تصنيف اولويات الحروب والمعارك تبناه تنظيم القاعدة بالعراق في اول ايام احتلاله من قبل امريكا. كانت معظم اعمال التنظيم  "الجهادية" تستهدف الشيعة كطائفة لتقتل من تستطيع قتله منهم وتفجر جوامعهم ومساجدهم وعتباتهم المقدسة، رغم انهم مسلمون مثلهم، اكثر مما تستهدف الامريكان. ثم زادت عمليات القاعدة ايغالا في ضرب الاقرب اليها فشملت حتى السنة الذين يفترض انهم الاقرب مذهبيا للقاعدة. وهذا الخطأ المميت هو الذي ادى الى نهوض طلائع الصحوة السنية التي اضعفت القاعدة وقلصت من نفوذها بالعراق. اعتقد انها لو لم تخض معارك دامية ضد الشيعة، القريبين منها دينيا، ثم مع السنة الاقرب لها مذهبيا لكان وضعها مختلف عما هي عليه اليوم بالعراق.وحتى مع انبثاق فجر الربيع العربي وسقوط ثلاثة من الطغاة العرب، لاحت بوادر معارك احزاب الاسلام السياسي،التي فازت في الانتخابات، فيما بينها رغم انها ايضا تتفق على ان عدوها الرئيس هم "الصليبيون" واسرائيل. وما يدور في مصر من معارك اعلامية طاحنة بين الاخوان والسلفيين دليل على ما اقول. معارك لا يستبعد المحللون ان تنتقل من اعلامية الى مسلحة اذا استمرت الحال على ما هي عليه اليوم.وفي العراق، كشفت ازمة الهاشمي الأخيرة عن ان حزب الدعوة الاسلامي أوقع نفسه بدائرة الخطأ ذاتها (اعلان الحرب على "العدو" وخوض معركة مع "الصديق"). كلنا نعرف بان حزب الدعوة ممثلا بدولة القانون ما كان يمكن ان يكون رئيس الوزراء منه لولا الكرد والصدريين. وكلنا ندرك ايضا بان هناك نزعة واضحة نحو الاستبداد والتسلط لاحت لوائحها في تصرفات وسلوك دولة القانون وبالذات عند رئيس الوزراء. وقد كتبنا وكتب غيرنا الكثير عن بوادر هذه النزعة. ولان الدكتاتورية تحتاج الى وجود "عدو" أو خلقه خلقا ان لم يكن موجودا بالاصل، وجد التواقون لعودة الدكتاتورية فرصة ذهبية في قضية الهاشمي لجعله العدو المنتظر. لذا صارت هي قضية الاعلام الاولى قبل ان ان تكون قضية قانونية بحتة. لكن حزب الدعوة، وهو حزب اسلامي سياسي حولها من حرب ضد الهاشمي "العدو" الى معركة ضد "الصديق" الكرد وكذلك ضد الصدريين الى حد ما.وان كان فشل القاعدة في تحقيق اهدافها بالعراق نعمة نشكر الله عليها، فان اختلاق ازمة الهاشمي بالعراق نعمة اخرى، رغم مصائبها، نشكر عليها مستشاري رئيس الوزراء، لانهم في خوض المعارك مع الاصدقاء قبل الاعداء، افشلوا حلمهم بعودة الاستبداد وازاحوا بعض الهم عن صدورنا. فبشرهم الله بالف خير.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram