TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > في الحدث: القاعدة وبراءة الهاشمي

في الحدث: القاعدة وبراءة الهاشمي

نشر في: 10 يناير, 2012: 07:44 م

 حازم مبيضينيبدو مفاجئاً ومثيراً للعديد من التساؤلات, تبني الفرع العراقي لتنظيم القاعدة الإرهابي, الاعتداء الذي نفذه انتحاري بسيارة مفخخة قرب مقر البرلمان, مؤكداً أن هدفه كان رئيس الوزراء نوري المالكي ونوابه, ومنع من تنفيذ العملية بتمامها خلل معين, فانفجرت السيارة عند ركنها خلف مدخل مقر مجلس النواب, موقعة العديد من القتلى والمصابين من حراس المقر وبعض النواب,
 وتبنى التنظيم أيضاً اعتداء آخر استهدف وزارة الداخلية في أواخر كانون الاول، إضافة لعشرات الاعتداءات الأخرى, وتفاخر البيان باستثمار ( مجاهديه ) لثغرة أمنية, فأدخلوا سيارتهم المفخخة, ولم تمنعهم عشرات نقاط التفتيش، ولا كاميرات المراقبة أو الطائرات المسيرة أو الكلاب المدربة, ولم ينس البيان توعد الحكومة العراقية ورئيسها بالقتل.بالرغم من تباين مواقفهما السياسية وانتماء كل منهما لكتلة نيابية منافسة, سارع رئيسا الحكومة والبرلمان للإعلان أن التفجير كان يستهدفهما, ومن جانبها سارعت السلطات العراقية لاتهام نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي بالوقوف وراء العملية التخريبية الإرهابية, واعتقلت عدداً من حراسه, وأذاعت على الناس اعترافاتهم بالضلوع فيها بناءً على أوامر من يحمونه, ولجأ الرجل إلى إقليم كردستان غير الخاضع فعلياً لسلطة العاصمة, مطالباً بنقل محاكمته من بغداد إلى موقع آخر يثق بنزاهة القضاء فيه, ويتهم الجهات القضائية في العاصمة بالخضوع لرغبات رئيس الوزراء السياسية, وانحازت قائمة العراقية إلى الهاشمي, فسعت لتجميد العملية السياسية ومنعت الوزراء المنتمين إليها من ممارسة مهامهم, (هل كانوا يمارسونها بالفعل؟ ), وتدحرجت كرة الثلج لتضع بلاد الرافدين في أتون أكبر أزمة سياسية تمر بها البلاد منذ إطاحة نظام صدام حسين.في واحد من جوانبه يبدو بيان القاعدة وكأنه صك براءة للهاشمي من التهم الموجهة إليه, وإذا صح ذلك فان على سلطات بغداد الاعتذار للرجل, وإعادة الاعتبار له وللموقع الذي يشغله, إلا إن كان سيلحقها اتهامه بالانتماء لذلك التنظيم, وفي جانب آخر يبدو تبني القاعدة العملية كجزء من تفاخرها, والإعلان أنها لا تزال موجودةً وفاعلةً وقادرةً على إقلاق الحكومة والناس بتفجيراتها المتنقلة العمياء, وفي هذه الحال فإن هذا التنظيم الإرهابي يكون ساعياً لخلط الأوراق وتضليل العدالة, والعبث مسبقاً بمجريات الحوار الوطني الذي يقوده الرئيس جلال طالباني في مسعىً لوأد فتنة طائفية بدأت تمد رأسها من جحرها على شكل تصريحات متشنجة, يتبارى طرفا الأزمة في إطلاقها وحشد التأييد الطائفي لمضامينها, وهم في ذلك بعيدون كل البعد عن مشاعر الناس وطموحاتهم في بناء عراق ديمقراطي, دون انتماء أعمى لهذه الطائفة أو تلك, ولنا في استشهاد عسكريين ينتميان للعراق, قبل الانتماء للطائفة السنية, دفاعاً عن حق مواطنيهم العراقيين الشيعة في القيام بطقوسهم المذهبية, أكبر دليل على نقاء المواطن العراقي العادي من وباء الطائفية البغيض.تنظيم القاعدة الإرهابي موجود في العراق, ولازال يمتلك بعض القدرات على تنفيذ عمليات إرهابية, حتى لو تبجحت الحكومة بالقضاء عليه أو تحجيم قدراته وشل حركته, وعند بعض أطراف العملية السياسية ما تزال هناك ميليشيات تحمل فكراً طائفياً إقصائياً بامتياز, وهنا فقط ومع خلط الأوراق يمكن للحقيقة أن تغيب, وللعدالة أن تنعى فعاليتها, وللمواطن العراقي أن يظل أسير الرعب الذي يتجول حراً طليقاً في الطرقات, وللسياسيين الطارئين أن يتنعموا بمكتسباتهم ويتقاتلون للحفاظ عليها, وللتجربة العراقية التي أملنا أن تكون نموذجاً للتغيير في هذه المنطقة من العالم أن تندحر إلى عالم النسيان, وللقاعدة أن تصول وتجول وتخلط الأوراق في ظل غياب عملية سياسية واضحة المعالم, تعنى بنشر الديمقراطية والتعددية, وتحافظ على حقوق الإنسان العراقي, الذي ضحى كثيراً وطويلاً, وهو لا يستحق مقابل ذلك كل هذا العناء.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram