علاء المفرجي السينمائيون كانوا أول من تمثل الزلزال الذي ضرب عواصم العرب، على مدى أشهر العام المنصرم، موقفا وتوثيقا.. ابتداءً من لحظة ظهور المخرج خالد يوسف حاملا كاميرته مشتركا وموثقا إيقاع الجموع الغاضبة في ميدان التحرير وليس انتهاء بتنفيذ أفلام استمدت موضوعاتها من الحدث المزلزل، عرضتها مهرجانات سينمائية عديدة، الأمر لم يكن بحاجة إلى تأمل طويل، بل إلى انفعال آني يحاول أن يلم بالحدث..
وربما لهذا السبب تجلى استلهام الحدث عبر الوثائقيات او الأفلام القصيرة، التي لا شك ستكون خلفية مناسبة لرؤى صناع الافلام في المستقبل، عندها تفرض الحاجة إلى ان يكون الروائي الطويل الإطار المناسب لسيرة الحدث..نظرة سريعة إلى برنامج مهرجانات سينمائية عقدت في النصف الثاني من عام الغضب ذاك، من مثل دبي، وابو ظبي، ومراكش، ووهران بما تضمنته من أفلام اعتمدت موضوعات ما اصطلح عليه (الربيع العربي)، تؤكد حقيقة أن السينمائيين الذين انفعلوا بهذا الحدث جاءوا بعدة الوثائقي أو القصير.عشرة مخرجين تناوبوا على تنفيذ الفيلم المصري (18 يوما) الذي يتناول جوانب مختلفة من انتفاضة شباب مصر عبر قصص قصيرة تحكي تفاصيل الحدث.. ، فيما المخرج المصري احمد رشوان يجسد وجهة نظره الشخصية في فيلمه (مولود في 25 يناير) حيث جالت كاميرته منذ اليوم الأوللسقوط مبارك لتكتمل الفكرة بتصاعد الأحداث التي أعقبت هذا الحدث، من خلال تجربته الشخصية وتفاعله مع الحدث، وتسليط الضوء على شخصيات هامشية، ترصد كاميرته تأثير هذا الحدث فيها. أما المخرجان عمر الشرقاوي وكريم الحكيم فيتحدثان في فيلمها (نصف ثورة) عن تجربتها قبل الأحداث في التخطيط لفيلم عن القاهرة، وإذا بالأحداث الدراماتيكية التي عصفت بالشارع المصري تجبرهما على تغيير مسار الموضوع بما ينسجم مع هذا الحدث الزلزال، وهم يشاركون به كمتظاهرين ومشاركين.ويختار المخرج التونسي مراد بن الشيخ جانبا مهما في الثورة التونسية في فيلمه (لا خوف بعد اليوم)، من خلال وجهة نظر (لينا بن مهني) التي كان لما تكتبه في مدونتها ضد استبداد حكم بن علي وثورة شعبها دور مهم في إشعال فتيل الشارع التونسي ، ويقف الفيلم أيضا عند قصة الناشطة في حقوق الإنسان (راضية نصراوي) التي أسهمت في مواقفها في الحراك الشعبي الذي اجتاح تونس كلها، وكذلك الكاتب والصحفي (كريم شريف) الذي لجأ إلى التسلح بالعصي للدفاع عن حيّه وقت الأحداث.. وسعى المخرج إلى التأكيد على الهاجس المشترك لشخصياته وهو الرغبة في التخلص من الدكتاتور بأي ثمن.وفي فيلم (ميدان التحرير) نتعرف إلى وجهة نظر الآخر في الأحداث التي عصفت بمصر بداية هذا العام. فالمخرج الفرنسي (ستيفانو سافونا) يرصد بعدسته مشاعر اليأس والغضب ثم الفخر والابتهاج التي طغت على الشارع المصري حينها.وبصرف النظر عن الشكل الفيلمي الذي يستوعب هذه الموضوعة إن كان وثائقيا او قصيرا او طويلا، ومن غير ان يكتمل الحدث للتوافر فسحة من التأمل لقراءته، فان السينما مثلما هو دورها في تمثل الحدث وعرضه برؤى مختلفة ، فإنها ستتأثر حتما من جهة انعتاقها من سطوة الرقيب الذي كان جزءا من ماكنة التكميم والقمع المتسلحة بها الأنظمة الدكتاتورية، ليكون السؤال الأهم .. هل بدأ ربيع السينما العربية؟
كلاكيت :ربيع السينما العربية
نشر في: 11 يناير, 2012: 07:37 م