وديع غزوان أكثر ما ألحق الأذى بالعراق وشعبه هم أولئك الأدعياء والمتاجرون بقضاياه ،وفي عمان عاصمة الدولة الأردنية تجد نماذج غريبة من هؤلاء سواء من كان يحمل شعارات الوطنية والقومية والبكاء على السيادة أو ممن جعل مواقع المسؤولية في هذا الزمن سلما لتحقيق مآرب خاصة جدا وكلا النموذجين لا علاقة لهما بالعراق لا من بعيد ولا من قريب ، ويحملان بعضا من مظاهر الفساد التي ابتلينا بها بعد 2003 .
فليس من ضير أن يختار مواطن الهجرة والسكن خارج حدود وطنه على أن لا يكون سارقا ولو لجزء بسيط من ماله العام ، حيث إن البعض من موظفي الدولة وفي وزارات مختلفة ارتضى لنفسه هذا الواقع المنحرف فيستلم راتبه من هذه الدائرة أو تلك منذ سنوات رغم انه لا يواظب على الدوام ويعيش في الخارج وهو بهذا يحرم مواطنا من فرصة التعيين أولا، كما انه بهذا التصرف الدنيء يكون سارقا للمال العام ويجب محاسبته . مثل هؤلاء لا بد من أن يكون لهم أغطية من المفسدين وبالتأكيد في مواقع تمتلك صلاحية التستر على هذا الفعل ومرتكبيه , لذا فان الواجب الوطني للجنة النزاهة البرلمانية وهيئة النزاهة كشف ملفات مثل هذا النوع من الفساد .قد يعد البعض مثل هذا الأمر بسيطا ولا يستحق العناء وسط ملفات الفساد الكبيرة في مفاصل الدولة المختلفة غير أن المنطق يقول عكس ذلك فالفساد واحد مهما كان صغيرا آو كبيرا أو مهما كان نوعه .اعتدنا أن نسمع من البعض حججا وتبريرات للمرتشي وللمتقاعس وللدنيء في تعامله مع المواطنين بل مازال البعض يعيش بثقافة (انه مال الدولة ) فلا ضير من اخذ جزء منه دون وجه حق و من المؤسف أن واقعنا السياسي المر و لهاث البعض على مواقع المسؤولية وعقد الصفقات المشبوهة قد رسخ في ذهن البعض مفهوم اللا أبالية وعدم الاكتراث مما يشاهده ويراه من مظاهر منحرفة قد يدفع حياته ثمنا إذا ما فضحها أو كشف خباياها .كلنا عاش في السنوات الماضية ظروفا قاسية كنا نسمع فيها من برلمانيين ومسؤولين حكوميين فضائح عن ملفات تزكم الأنوف ووعود بإجراء التحقيقات بشـأنها لكن الواقع يقول عكس ذلك فلا فاسد كبير أحيل للقضاء ونال جزاءه ولا من متستر عوقب على فعلته .الكل يصرخ إلا للفساد ولكن الغالبية تعمل به وليس من متضرر سوى الملايين المسحوقة التي تشير الإحصاءات الرسمية زيادة أعدادها يوما بعد آخر رغم كل تلك الثروات التي يمتلكها العراق والتي يبدو أن قدر أهله أن لا يتمتعوا بها .آن الأوان لكي يعمل الجميع على وضع آليات لمحاربة هذه الآفة التي نخرت أسس وبنيان مؤسسات البلد بكل أنواعها وعطلت مشاريعه وان تتم محاسبة الفاسدين والمتسترين عليهم سواء ممن يستلمون رواتبهم دون وجه حق أو ممن اعتادوا تمرير عقد الصفقات ونهب المال العام.
كردستانيات:الفساد واحد
نشر في: 11 يناير, 2012: 08:18 م