TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > وقفة: الإمام الحسين (ع) عراقي

وقفة: الإمام الحسين (ع) عراقي

نشر في: 11 يناير, 2012: 08:33 م

 عالية طالبسؤال طالما شغلني , منذ صغري وانا أرى المجالس الحسينية تنتشر في كل العراق من الشمال للجنوب , تصرخ لوعة باسم الحسين وذكراه الأليمة وما جرى له في ارض كربلاء , وطوال سنوات طفولتي ازداد يقيني ان الأمام علي وولديه الحسن والحسين عراقيين, وأدلتي كثيرة , مشاهدهم الشريفة لدينا ومآثرهم وتضحياتهم نسمعها ليل نهار وأسماؤهم الكبيرة لا يخلو منها بيت ولا عائلة ولا عشيرة ولا  قبيلة , ونستعين بهم في الكلام والتمثل والاستشهاد والحكم والمواعظ وضرب الأمثال والسير على سيرتهم والاقتداء بمنهجهم الشريف في الذود عن الإسلام والوقوف بوجه الظلم والظالمين والتضحية بالنفس وهي أعظم حالة الجود .
وكبرت , ورغم معرفتي بحقائق الأمور ومجرياتها  وأسباب وجود مراقدهم الشريفة لدينا , إلا أنني لم أتخل عن فكرتي بأنهم عراقيون , رغم يقيني الثابت أيضا أنهم اكبر من ان ينتسبوا إلى فئة بعينها أو جماعة فهم ضمير أمة وفكر مطلق لا تحده حدود الجغرافيا ولا جنسيات  أماكنها , لكن واه من حبي ولوعتي وبكائي ونشيج قلبي ورجفة حواسي ولهف قلبي وانا انزوي بمجالس العزاء التي تفجر دموعي بمجرد دخولها فلا اعرف كيف أعالج  انبثاقها الذي يحرق أجفاني لساعات وساعات .كبرت , وكبر يقيني بأننا نتعامل مع  الإمام علي وسيدي شهداء أهل الجنة بطريقة خاصة بنا كعراقيين , لا تشبه غيرنا ولا تتماثل مع احد , برغم انتشار مجالس العزاء في اغلب دول العالم عربيا وإسلاميا وغربيا , لكن للتعامل العراقي مرتكزات لا تتطابق مع احد .تعلمنا منهم ان نكون مظلومين لا ظالمين , وان نحتسب لله العلي القدير , وان التقية واجبة لدرء الضرر الأكبر, وان الإحساس بكبر الفاجعة والتفاعل معها يجعلنا اقرب إليهم ونفرح باليقين إننا سنحشر مع من نحب يوم القيامة وليس هناك أجمل حشرا من أن نكون معهم.كبرت , وزرت بلدانا عديدة ورأيت ( الحسين ) الشهيد في قلوب الكثيرين ولكن لا يتطابق احد مع وجوده في قلوبنا وضمائرنا وحبنا وشهقة جرحنا لما جرى .كبرت , وعرفت أن ( الحسين ) الثائر على الظلم أوجد فينا بصمة ان لا نقبل ظلم الأخر ونحارب من اجل مبادئنا وإيماننا وتحقيق  مقاصدنا .كبرت , وزادت  ( الكربلاءات ) في بلدي , تناسخت دوما لتؤكد أننا على الخطى سائرون وان حبهم في قلوبنا نعمة حبانا الله بها ليصطفينا من بين العالمين .كبرت , وانا اعرف ان مصيبته لا يمكن ان تُنسى والحزن لما جرى لا يشبه اي حزن , هو لا تنطفئ جذوته بمرور الأيام ولا تقل لوعته بفعل التقادم بل انها في كل عام  تأخذ نفس الحجم من التعامل مع الألم وكأنها حصلت الان , كيف يمكن فقدان لا تهدأ الجمرة فيه ؟ كيف يمكن لحزن لا تخفت ضرباته داخل القلب وكأنها  تنزف الان وليس منذ ما يزيد على ألف و اربعمئة عام ؟ كيف يبكيك الطفل والشاب والشيخ والنساء والرجال بنفس حجم الألم واللوعة ؟ كبرت وعرفت ان الحزن على المظلوم يعادل عقاب الظالم على ظلمه، وتلك هي الرسالة الخالدة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram