تحليل سياسي / ماجد طوفان لا أريد أن أشغل نفسي والقارئ أيضا بالتواريخ والأزمات والدمار والخراب الذي ورثناه من نظام البعث، وما تبعه من خراب ثان أضافه لنا حكامنا الجدد ، الذين لا يفقهون من السياسة إلا الزعيق والخطابات واختلاق الأزمات التي ما ان تنتهي واحدة حتى تلد الأخرى.
ويبدو أنهم كلما أمعنوا في السير قدما في الخلافات كأنهم بذلك يريدون ان يصرفوا الرأي العام عن مستوى الخراب الذي وصل اليه البلد جراء سياساتهم التي لم تقدم للمواطن الا الدم الذي يسيل يوميا في كل ارجاء العراق ، وهم بذلك وكما يبدو يريدون ان يشغلوا الرأي العام عن اخفاقاتهم التي لها اول وليس لها آخر ، ويبدو ان الايام القليلة الماضية هي الدليل الناصع والواسع على ذلك ، فقد انشغل العراقيون بقضية نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي ، واصبحت حديث العوائل العراقية ، وتصدرت اخبارها كل وسائل الإعلام وبأنواعها المختلفة ، وهذا نوع من الخداع للمواطن وللرأي العام ، فقد نحيت جانبا كل الملفات التي تهم المواطن واصبحت في خبر كان كما يقولون ، فليس هناك حديث عن قطاع التعليم ، الذي مازال طلبتنا وبرغم ميزانية العراق الهائلة يدرسون في مدارس طينية ، وكان آخرها انهيار مدرسة على طلابها في العاصمة بغداد ، وبذات الوقت فليس هناك حديث عن القطاع الصحي ولا الاقتصادي ، بل اقتصرت واختزلت قضية البلاد برمتها بالسيد الهاشمي والمالكي والمطلك ، وكأنهم الإكسير الذي لا يمكن للعراقيين ان يعيشوا من دونه ، اذا كان الساسة يريدونها حرب طوائف ، فإنها تخصهم وحدهم، والشعب بكل أطيافه ومكوناته وأديانه بريء مما يفعلون ، لقد صبر الشعب على مراهقاتكم السياسية سنوات طوال ، ولا يمكن ان يستمر الوضع على ما هو عليه ، كفاكم لعبا بمقدرات الناس البسطاء ، وكفاكم من المؤامرات التي أصبحت ديدنكم ليلا ونهارا ، وكفاكم سرقة أموال الشعب ، وكفاكم الاجتماعات التي أدمنتم عليها ، وكفاكم من التصريحات التي اصبحت موضع تندر المواطن البسيط ، وكفاكم قفزا على الدستور الذي دفع العراقيون ثمنه دما غاليا وطاهرا يوم تحدوا الارهاب وصوتوا عليه ، وكفاكم من الاستقواء بدول الجوار على بعضكم البعض ، وكفاكم ... وكفاكم .. وكفاكم .. اليوم يعيش العراق ازمة كبيرة وحقيقية ، وانتم تمسكون بأطراف اللعبة ، ولا يبدو انكم تسعون لحلها ، لان ذلك يعني سقوط الكثير منكم ، الشعب ينتظر ويرى ويسمع فصل مسرحيتكم التي لا ينطبق عليها اي توصيف ، فهي لا تنتمي الى الدراما ، ولا الى الكوميديا ، ولكنها ( المسرحية ) تذكرني بنظرية تسمى ( الدادائية ) ، واعتقد ايها السادة الساسة انكم دادائيون بامتياز ، فالكل لا يعرف ماذا تقولون ؟ وماذا تريدون ؟ وبماذا تفكرون ؟ وهذا ملخص للنظرية الدادائية !! ومشهدكم يذكرني بهروب الشاعر العظيم والكبير الى مصر ، وما ان التقى بكافور الإخشيدي الذي كان ينتظر مديحا عاليا من المتنبي ، فما كان من الأخير الا ان قرأ عليه قصيدة يقول مطلعها : كفى بك داء ان ترى الموت شافيا .. وحسب المنايا أن يكن أمانيا. ويبدو ان توصيف المتنبي ينطبق عليكم فلا تتجهموا مثلما تجهم وجه كافور عندما سمع بذكر الموت ، وهو الدواء الشافي له . ويشهد العراق خلافات حادة بين ائتلافي رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي ورئيس الوزراء الحالي نوري المالكي وتوتراً يتفاقم بمرور الوقت في ظل بقاء نقاط الخلاف بينهما عالقة دون حل، كما وتدور خلافات بين الجانبين على خلفية العديد من المواضيع منها اختيار المرشحين للمناصب الأمنية في الحكومة، كذلك بشأن تشكيل مجلس السياسات الإستراتيجية، الذي اتفقت الكتل على تأسيسه في لقاء اربيل، ولم تتم المصادقة على قانونه حتى الآن، فضلاً عن تصريحات يطلقها رئيس الحكومة وأعضاء في كتلته تشكك بأهمية المجلس ودوره وعدم دستوريته، حتى وصل الأمر إلى حد أن قال المالكي أن لا مكان للمجلس في العراق. وهي الازمة السياسية الكبيرة الأولى بعد الانسحاب الأمريكي ونجمت عن إصدار مذكرة قبض بحق نائب رئيس الجمهورية القيادي في القائمة العراقية طارق الهاشمي على خلفية اتهامه بدعم الإرهاب وتقديم رئيس الوزراء نوري المالكي طلبا إلى البرلمان بسحب الثقة عن نائبه القيادي في القائمة العراقية أيضا صالح المطلك، بعد وصف الأخير للمالكي بأنه ديكتاتور لا يبني، الأمر الذي دفع القائمة العراقية بزعامة إياد علاوي إلى تعليق عضويتها في مجلسي الوزراء والنواب، وتقديمها طلبا إلى البرلمان بحجب الثقة عن رئيس الحكومة نوري المالكي.
رفقاً بنا يا أمراء الطوائف .. إنّا معكم لمنتظرون

نشر في: 11 يناير, 2012: 10:32 م









