TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > تحت المجهر: خطية ... ما عنده شيء!!!

تحت المجهر: خطية ... ما عنده شيء!!!

نشر في: 15 يناير, 2012: 06:07 م

 د.معتز محي عبد الحميدنحن شعب عاطفي حتى النخاع ، هذه حقيقة لا يمكن تجاهلها، تغلب العاطفة علينا ، وتتحكم في مجمل تصرفاتنا حتى أنها تجعلنا نتغاضى عن أخطاء جسيمة يرتكبها البعض بحقنا ، وهي بلا شك وسيلة ناجحة يستغلها بعض الخبثاء الذين يريدون الوصول إلى أهدافهم بسهولة إذا توفرت لهم الظروف والمناخ المناسبين لذلك، فترى البعض منهم يتنكر بأثواب الحملان لكنهم يخفون تحتهم ثعالب ماكرة ، فهم يتذللون أمام الآخرين عندما يقعون في مشكلة لايستطيعون حلها ،
وكثيرا ما نسمع عبارة (خطية.. مسكين) كتعبير عن المسامحة والعفو، أو طلب العذر لهم في أمر معين ، أو الوصول إلى هدف يرغبون في الوصول إليه حتى ولو كان على حساب كرامتهم . الحقيقة إن عبارة (خطية..ماعنده شي )ربما تقودنا إلى العديد من المشاكل الاجتماعية سواء على صعيد العمل ، أو في سياق عجلة الحياة العادية ،وأهمها إن ذلك الشخص ( الخطية ) يبدأ بتقمص دور المسكين فعلا في أول تجربة ناجحة له في هذا المجال ، ولأن ذلك يفتح له أبوابا كثيرة  ويجعله يقفز على أكتاف الآخرين دون عناء  تجده يختصر كل القنوات الصحيحة مستغلاً نقطة الضعف فيهم، ولا يتورع في ذرف الدموع إذا دعا الأمر ، المهم كيف ينجح في الوصول إلى هدفه .عبارة ( خطية .. هذا مسكين ) قد تخلق أيضا نوعا من الفوضى الاجتماعية ، التي تؤدي أحيانا إلى كوارث لا تحمد عقباها ، مثال ذلك الشخص الذي يأمن العقاب على ما يقترفه من أخطاء أو تجاوزات في الشارع أو في محل العمل لأنه ( مسكين ) سوف يسيء الأدب بعد تكرار العفو عنه ، فابنك الذي يرتكب أخطاء في حق أخوته ووالدته ، أو يهمل  دراسته ، وفي كل مرة يلجأ إلى خاله أو عمه ويحتمي بهما ويبادره بعبارة لا تضربه "هذا ولد مسكين.. ميعرف كل شي" سوف يجد الملاذ الآمن لتكرار أخطائه.وهكذا تبدأ مسيرة الانحراف ، وسائق سيارة الكيا الذي يصدم سيارتك بسبب إهماله وتهوره ويتجمع حولك المارون والسواق الآخرون وتسمع منهم عبارة ( خطية .. مسكين والمسامح كريم ) وتعفو عنه بسبب تتدخل هؤلاء الطارئين .. لن يلتزم بعد ذلك بقوانين المرور وآداب الطريق لأنه يعرف انه سيفلت من العقوبة ، والموظف الذي يخطىء بحق زملائه ويهمل  واجباته الوظيفية ، ويلجأ أحيانا إلى اخذ الرشوة .. ويكررها دون أدنى إحساس بالمسؤولية  ستجد إذا بحثت عن السبب أن عبارة ( خطية .. هذا مسكين .. ما يعرف كل شي ) هي التي تحميه من ذلك العقاب في كل مرة .. وهكذا !لا أعني في ما سبق أن نتجرد من العاطفة في تعاملنا مع الآخرين ، فالعاطفة مطلوبة والرحمة أيضا مطلوبة ، ولكن المطلوب أكثر هو الحذر واليقظة واستخدام المنطق ممزوجا بقليل من تلك العاطفة إذا استدعى الأمر ، وإذا كان الآخرون فعلا من الفئة التي يجوز حينها أن نقول عنهم (خطية.. مساكين) كما يجب ألا تطلق هذه العبارة جزافا على كل من يلوي رقبته ويطأطىء رأسه إذا تعرض لموقف معين . وإلا فنحن أيضا ( خطية ..مساكين)!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram