TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > في الحدث: هل يحتاج العراق إلى مزيد من الأعداء

في الحدث: هل يحتاج العراق إلى مزيد من الأعداء

نشر في: 15 يناير, 2012: 07:29 م

 حازم مبيضينسؤال مهم تطرحه تصريحات رئيس الوزراء العراقي الأخيرة لفضائية الحرة الأميركية وما سبقها من هجمات كلامية شنها موالون له ضد رئيس الوزراء التركي طيب رجب أردوغان على خلفية تحذير الرجل من تفجر حرب طائفية في العراق، ومناشدته زعماء مختلف الكتل السياسية والدينية العراقية الإصغاء إلى ضمائرهم للحؤول دون أن يتحول التوتر الطائفي في بلادهم إلى نزاع, ودعوته أيضاً للبلدان التي تحاول ممارسة نفوذ في العراق، إلى التصرف بحس سليم وبطريقة مسؤولة, وإشارته إلى أن انقسامًا جديدًا وصراعًا جديدًا في العراق سيكون سبب خيبة كبيرة في كل أنحاء العالم الإسلامي.
السؤال المطروح مع استمرار الأزمة العميقة التي تعصف بالعملية السياسية, هو هل يحتاج العراق إلى مزيد من الأعداء, أم أن الأمر يتعلق بمحاولة تصدير الأزمة الداخلية بافتعال واحدة أو أكثر مع دول أخرى, حيث تنضم تركيا اليوم إلى السعودية والعديد من الساسة الأميركيين, وهل الظرف الراهن في بلاد الرافدين يحتمل اندلاع صراع جديد مع واحدة من دول الجوار, لا ينفي ذلك رفضنا لتدخل أي من تلك الدول بالشأن الداخلي للعراق, لكن رفض ذلك التدخل سواء كان سعودياً أم تركياً يعني بالضرورة رفضه إيرانياً أيضاً, إلا إن كان السيد المالكي يقبل على نفسه تهمة الطائفية, ويتخلى عن دور رجل الدولة الوطني لمصلحة القائد الطائفي, وهو اتهام نتمنى ألا يكون صحيحاً, مثلما نتمنى أن ينفيه المالكي فعلاً لا قولاً, ليدخل في قائمة الزعماء العراقيين الوطنيين من أوسع الأبواب, بدل مغادرته إلى قائمة أمراء الطوائف التي لا تشرف أحداً من منتسبيها.  يعرف السيد المالكي أن هناك صراعاً طائفياً يدور في المنطقة لغير صالح شعوبها, وكنا نأمل أن يكون صوتاً عاقلاً لمنع تحوله إلى حرب طائفية تأكل الأخضر واليابس, وأن يلتزم بالتعامل مع مختلف مكونات المجتمع العراقي, باعتبارهم عراقيين بالدرجة الأولى, وبغض النظر عن انتمائهم الديني أو الطائفي أو الإثني, وأن يغلب الوطني على ماعداه, في وطن نخشى أن تتجذر فيه الطائفية على وقع العمل السياسي الذي يستقوي بها, وعلى يد سياسيين طارئين على العمل السياسي والوطني في آن معا, ليس لديهم هم يتعدى مصالحهم الضيقة, وأن يحصن جبهته الداخلية ضد هذا الفيروس اللعين, ليمنع ببساطة أياً من دول الجوار من مجرد التفكير بالتدخل في شؤون العراق الداخلية, أو محاولة العبث في ساحته. وحتى لا يتم فهمنا خطأً فان الدعوة موجهة أيضاً إلى كل من يتصدى للعمل العام في العراق, فتطلع بعض السياسيين العراقيين إلى خارج حدود وطنهم, بحثاً عن الدعم والتأييد لا يصب في مصلحة بلدهم ومواطنيهم, وهو تصرف سيفضي بالتأكيد إلى البحث عن ما يقسم العراق, بدل توحده حول فكرة الدولة الواحدة لكل مواطنيها, على قدم المساواة والعدل واحترام حقوق انسان والتوزيع العادل للثروة, ونبذ فكرة الاحتماء بالطائفة أو العشيرة أو القومية, التي تبتعد بالعراق عن فكرة الدولة المدنية المتمسكة بإرث حضاري عميق يمتد آلاف السنين, وتدفع إلى دويلات متعددة متنافرة, حتى لو ظلت اسميا وشكلياً تنتمي إلى الدولة العراقية التي ستنحصر سيادتها في العاصمة وماحولها, وتندثر في الأطراف.  لسنا بالتأكيد مع أن تلعب أنقره أدواراً تذكرنا بالإمبراطورية العثمانية، لكن تركيا ومثلها إيران والسعودية, وتحت سطوة الجغرافيا تقع على حدود العراق, وتتأثر بما يجري فيه ومن حقها الدعوة إلى العمل على منع انزلاقه إلى حرب طائفية, لن تسلم منها أي من دول المنطقة, ولا يعني ذلك أن يكون لهذه الدول حق في رسم السياسات العراقية, أو تكتيل منظومات من محترفي السياسة للنطق باسمها, والعمل على تمرير مصالحها, فذلك مرفوض بالكامل احتراماً للعراق ولدماء شهدائه الذين قضوا لينعم وطنهم وأهلهم بالحرية والعدالة والاستقرار, ولعلاقات مودة واحترام مع العالم كله, وليس مع تركيا لوحدها, فالعراق اليوم لا يحتاج إلى أعداء جدد.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram