TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > نقطتان شارحة :باب النجف المغلقة

نقطتان شارحة :باب النجف المغلقة

نشر في: 15 يناير, 2012: 10:25 م

 مازن الزيدي  قبل اكثر من عام طالبت باستعادة اصواتنا التي منحناها في انتخابات آذار 2010، وهاأنذا أراني اليوم اطالب باستعادة ديمقراطية توهمنا امتلاكها بمجرد سقوط تمثال الدكتاتور وسط ساحة الفردوس. فبعد رحيل "الضامن لديموقراطية العراق الجديد"، بالانسحاب الاميركي الذي بدأ في تشرين الاول من العام الماضي، انهارت التوازنات السياسية وانحسر نفوذ "قابلة" التحول الديموقراطي، وشرعت ابواب المجهول في وجه ارض الرافدين من جديد بشكل اكثر خطورة هذه المرة قد يصل للتقسيم الذي يخشاه الجميع في العلن،
ويصفق له في السر. الضامن الاخر للعملية السياسية هو مرجعية السيد السيستاني، لكنها انزوت منذ اكثر من عام، وهو تاريخ استعار مفاوضات الكتل لتشكيل الحكومة، حيث فضلت المرجعية سياسة "غلق الابواب" والاكتفاء بتوجيه انتقادات لاداء الطبقة السياسية وحكومة المالكي في خطب الجمعة من كربلاء. للاسف فان المرجعية الدينية تعود لعزلة غير مبررة، واستعادة الموقف السلبي للمرجعية ازاء الانظمة السياسية في العراق يسهل للاخيرة تحجيم الدور الايجابي المتوقع من الاولى وابتلاعها احيانا رغم انها تشكل تاريخيا، البارومتر لسخط ورضا القاع الاجتماعي الذي يرتبط بالدين وائمته بشكل وثيق. اسمع المقربين من مرجعية النجف، لا سيما مرجعية السيد السيستاني، يتحدثون عن احباطها وسخطها مما يدور في البلد حد انها وضعت شروطا قاسية لاعادة مياه العلاقة مع "ابنائها العاقين" في الحكومة الى مجاريها السابقة، تتمثل باستبعاد المفسدين من الواجهة السياسية واسترجاع الامتيازات التي حصل عليها البعض، واقالة بعض رموز التأزيم في المشهد الحكومي.لكن هي يكفي، يا سماحة الامام، مثل هكذا مطالبات خجولة توجه لنخبة سياسية باتت تتحسس ريشها الناعم وهو يكبر بمليارات البترول المنهوبة من قوت الشعب؟ هل تكفي انتقادات الجمعة لاعادة "العاقين" لبيت الطاعة بعد ان باتوا يستمتعون بنمو مخالب دكتاتوريتهم وهي تشتد وتدخل الرعب في قلوب الحلفاء قبل الخصوم؟ هل يكفي "الهجر في المجالس" لجماعة بلغ النزق بهم حد "استيراد مرجعيات" بمقاسات خاصة؟ هل نحتاج، يا سماحة المرجع، لصفعة وجرة اذن، بعيدة عن اعتباراتكم الذاتية والموضوعية المحترمة والمبجلة بكل تأكيد، لمن يشوهون الدين وينتهكون المذهب كل يوم وكل ساعة؟لم تستوعب واشنطن لحد اللحظة ما تعتبره "نكران الجميل" من طبقة لا تكف من فتح النار بوجه الامريكان وحلفائهم في المنطقة، وهي ستعجز طيلة العامين القادمين، حيث الانتخابات الرئاسية القادمة، عن فهم بغداد التي بدت تتحسس ملامح "سيادتها المستعادة". بغداد بدورها تنخرط في عزلتها القديمة من جديد، فطلاقنا غير المعلن مع اميركا بات امرا معروفا، وعلاقتنا الملتبسة مع الاتحاد الاوربي لم تتحسن، اما محيطنا العربي والاسلامي فنحن نفقد ما استعدناه بعد سقوط صدام، لان ساستنا الجدد باتوا يلهثون وراء دكتاتوريات المنطقة، حتى اوشك ان اتخيلهم وهم يجربون تدخين سيكار كوبي يرسله الرفيقان تشافيز و العجوز كاسترو!عامان ساخنان ينتظرهما العراق سيرفعان درجات الغليان الى اقصاها في الداخل، بسبب انتخابات المحافظات التي يستعد لها المالكي وخصومه منذ العام الماضي، وفي الخارج، تزامنا مع الانتخابات التشريعية الايرانية، وتوازيا مع سباق الرئاسة نحو البيت الابيض في الولايات المتحدة.اذا اضفنا الى ما سبق، الانقسامات الحادة بين المكونات المجتمعية واستغراق الساسة بمعارك غير متكافئة لكسب الامتيازات وتسجيل النقاط فيما بينهم، وفي ظل ارتفاع مؤشرات البطالة والفقر واستشراء الفساد وتردي الخدمات، وتراجع الحريات واستهداف الناشطين المدنيين وقمع التظاهرات والتضييق عليها بقوانين وتعليمات جائرة، فهل يبقى لسياسة "غلق الباب" ما يبررها بعد الان؟هل سترضخ النجف لمسار يؤدي الى ابتلاعها من قبل "الدكتاتورية المتغولة" مرة اخرى؟ ام هل ستختار الوقوف موقف المتفرج من الاحداث والانهماك بشؤونها التقليدية بعيدا عن آلام ملايين الاتباع والمريدين الذين يطرقون الباب منذ عام، وهم يستنجدون من ظلامات "الاقربين" واستئثار جوقة المحابس واللحى ممن يتمسحون باعتاب ازقة المرجعية؟ديموقراطية العراق ومؤسساتها الدستورية تسرق وتختطف جهارا نهارا، اقيموا الحد على سارقها، اعتقلوا الخاطفين... استعيدوا ديموقراطيتنا.. اعيدوا اصواتنا.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram