TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > الجالس والجليس

الجالس والجليس

نشر في: 16 يناير, 2012: 06:15 م

خضير فليح الزيدي هل يا ترى بقي الكتاب في عالم اليوم هو الجليس الأمثل الذي تحدث عنه بيت الشعر الشهير؟ إني في شك من هذا.. والأسباب واضحة للعيان.. الحسد يلاحق دائما أدباء الأجيال القديمة من الكتاب العراقيين والعرب..خمسينيون، ستينيون، سبعينيون وثمانينيون، بحق كانوا مدللي الثقافة العراقية ونجومها المترفين.. كانوا كتابا وكتبة أجيال سعيدة ونزهتهم الأدبية التجريبية السياحية، أعطت ثمارا ناضجة بفعل الدعم الكيميائي للنضوج السريع وحرق المراحل..
 سخّرت لهم ماكنة إعلامية ضخمة أفرزتها ما يسمى الثقافة الوطنية المرتبطة حتما بجسد الدولة والسلطة الحاكمة.. ماكنة إعلامية ينضوي تحت لوائها جحافل من دور النشر والطباعة والتوزيع، كذلك التحقت لدعمهم ماكنة أخرى داعمة لتلك الأجيال هي ما تسمى بالماكنة النقدية العراقية التي كانت تلاحق كل يوم تقريبا كل منجز أدبي للمنتمين تحت عباءة هذه الأجيال السعيدة.. وهي بالفعل سعيدة بمنجزها الكتابي وباحتفاء القراء بالكتب الإبداعية المنجزة والتي لا يمكن إنكار إبداعها على كل حال.. ماكنتان؛ واحدة إعلامية، والأخرى نقدية خصصتها ثقافة الدولة الوطنية آنذاك.. كانت هذه الماكنة النقدية الأكاديمية منها او الإبداعية غير المرتبطة  بمنطقة الجامعة العراقية التي كانت تتحرك لترصد خريطة جسد الإبداع العراقي وخصوصا الأدبي الشعري منه أو القصصي والروائي.. لذلك كان أدباء تلك الأجيال سعداء بتلك النجومية التي صاغتها بعناية هاتان الماكنتان الضخمتان في تنجيم أدباء تلك الحقب دون غيرهم.. الأجيال السعيدة وما بعدهم الأجيال التعيسة..اليوم مهما كان المبدع العراقي من العمق والتواصل والحضور الثقافي الأدبي الإبداعي والتواصل عبر مشاريع أدبية مترسخة في الوجدان الإبداعي، لم يحض بما حضي به أقرانه، بل إن الأمر أكثر تعاسة من ذلك فهو قد يصل حد اليأس وينقطع الكاتب وينقرض الكتاب على الرف عن التواصل للإهمال المتعمد وغياب تلك المكائن الداعمة له والموجهة له.. فالكاتب العراقي اليوم لا يعرف مديات التأثير لأدبه، فلا توجد مدرسة نقدية عراقية حقيقية جادة لها ثوابت نقدية متخصصة في ملاحقة ما ينتج كذلك لا توجد آلية إعلامية لتبضيع الكتاب..حتى الجامعات العراقية قد أسست لنفسها ثوابت تقليدية في متابعة الأدب الكلاسيكي وأدب تلك الأجيال سالفة الذكر وقد عزفت عن أدب اليوم بدعوات زائفة.. فلا عتب اليوم من هجرة الكثير من الأقلام الراسخة والمبدعة حقل الكتابة الإبداعية لعدم جدوى الكتابة أصلا وعزوف القراء عن تلقف الكتاب، كذلك هناك  غول رهيب يتربص للانقضاض على ما تبقى من جمهور الكتاب والكاتب، يتمثل بعصر الصورة او زمن التقانة الصورية الهائلة ومديات تأثيراتها على أوسع مساحة من المتلقين، وتلك آفة أخرى تنتظر إعدام الكتاب والكاتب معا رميا بالنسيان والانقراض.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

بغداد/ المدى تنطلق فعاليات الدورة الخامسة من معرض العراق الدولي للكتاب، في الفترة (4 – 14 كانون الأول 2024)، على أرض معرض بغداد الدولي.المعرض السنوي الذي تنظمه مؤسسة (المدى) للإعلام والثقافة والفنون، تشارك فيه...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram