TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > مؤتمر الهروب من الشراكة

مؤتمر الهروب من الشراكة

نشر في: 16 يناير, 2012: 07:24 م

حسين علي الحمداني ما يحصل اليوم في العراق يمكن تسميته بالهروب من الشراكة، إذ كل الأطراف الموجودة الآن في العملية السياسية في البلد تجد نفسها مقيدة بقيود الشراكة وهي لا تتوانى في إعلان هذا على الملأ وعبر وسائل الإعلام . والسؤال هنا: هل باتت الشراكة في محطتها الأخيرة بعد أن أيقن الجميع أنها السبب الرئيس في أزمات البلد المتتالية؟
المواطن العراقي البسيط الذي يعيش يومه يجد أن الحكومة مقصّرة في تأدية عملها وفي مقدمة هذا التقصير في الخدمات والصحة والتعليم والبنى التحتية والبطالة التي لم تُعالج مما زاد من نسبتها وتأثر بذلك مستوى خط الفقر وانعكس على مناح اقتصادية كثيرة أهمها تضاعف نسبة التضخم في البلد، والتردي الأمني الكبير جداً، وعندما يحاول المواطن أن يجد إجابات تأتيه الإجابات الجاهزة التي تعلق هذه الإخفاقات الحكومية على شماعة الشراكة والمحاصصة من طرف ، ومن الطرف الآخر على التهميش والإقصاء .يدرك المواطن العراقي حقاً بأن الشراكة هي سبب ذلك كله، ولهذا فإن تظاهرات 25 شباط من العام الماضي كانت تطالب بإصلاح العملية السياسية في البلد مما هي فيه، لأن المواطن اقتنع بأن مسؤولي البلد تقاسموا كل شيء ولم يعد هنالك شيء للمواطن يمكن تقديمه له، وقد يعلل البعض بأن الحكومة عمدت لترشيق الوزارات وإلغاء بعضها وهذا يمثل حسب وجهة نظر البعض إنجازا، لكن هؤلاء لم يدركوا بأن الوزارات التي تم إلغاؤها إنما أوجدوها لأنفسهم وليس لخدمة المواطن، مجرد مناصب تم تقاسمها في فترة تشكيل الحكومة الحالية وبالتالي فإن إلغاءها لا يعني ترشيقاً  بقدر ما يعني حلاً جاهزاً لتجاوز أزمة حدثت نتيجة التظاهرات الشعبية وبالتالي فإن المواطن غير مقتنع بجدوى الحراك السياسيّ ككلّ، خاصة وإن الأزمة السياسية والقضائية الأخيرة هي أزمة مركّبة نزلت للشارع العراقي ولم تبق في ممرات المطبخ السياسي وأروقة مباني الحوار المغلقة. ونزولها للشارع كان بقرار سياسي من أجل خلق حالة تصادم جديدة بين فئات الشعب وشرائحه أو بين "الشوارع"، وهذا ما نأمل  ألا يتحقق لأن الشارع العراقي أكثر فهماً لما يدور ولا يمكن أن يكون بعد الآن وقوداً لنزاع القوى السياسية ونزعتها للتسلط على حساب بناء دولة المواطنة.ولعل المواطنة موجودة بنسبة عالية جداً لدى الشعب العراقي وقد عبر عنها بوضوح جلي لا غبار عليه الملازم نزهان الجبوري والمقاتل علي سبع في حادثة تفجير البطحاء، تعبيراً لم نجده لدى السياسيين، فما هي المواطنة وكيف تتحقق إن لم تكن مقرونة بعمل يخلد ويوصل رسائل الوحدة لمن لم تصلهم الرسائل السابقة وفي مقدمتها رسالة الشهيد عثمان العبيدي ابن الأعظمية.ولهذا نجد بأن المؤتمر المنتظر الذي عقد قبل يومين ورفعت جلساته للأسبوع المقبل لن يتجاوز أطر الشراكة والتوافقات إن لم يكن من بين أوراقه القادمة مزيداً من الشراكة على حساب المواطن، ولذا نلحظ إن ردود الفعل الأولية للشارع العراقي تؤكد عدم تفاؤله بما سيسفر عنه مؤتمر كهذا، والسبب يكمن بأن مَن يكون جزءاً من المشكلة لا يمكن أن يكون جزءاً من الحل، هذه بديهية تجعلنا ننظر للمؤتمر من زاوية أخرى ربما لا ينظر إليها البعض وهذه الزاوية تتمثل بأنه سيكون مَخرجاً للبعض لكي يتجاوز أزمته الشخصية لكنه لن يكون مَخرجاً سليماً للعملية السياسية القائمة الآن ولن يكون ممراً للدستور بقدر ما سيشكل نفقاً آخر للهروب من الدستور وتجاوزه.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram