بلدنا سعيد.. فمن يطلق رصاصة الرحمة ؟! إيناس طارق لا نريد أن نقول إن بلدنا يعاني سوء توفير الخدمات أو يمر بأزمات سياسية ،ولا سماع دوي انفجارات يومية ولا غياب للسلطة القضائية ،مؤسسات تخلو من ملفات فساد إدارية ومالية ، بلدنا سعيد ويعمه الهدوء والسلام فلا أصوات صفير للسيارات السلفادور ، ولا إطلاق نار عشوائي لموكب مسؤول برلماني ، لاضحايا إرهاب ولا مستشفيات تكتظ بالجرحى والقتلى ، كل يوم يمر علينا يكون مثل البرق لأن ساعاته يقضيها الناس باللهو والاستجمام في الشوارع المزدحمة ،
صيفا وشتاء ، ألوان شوارعنا صفراء لكثرة سيارات الأجرة التي يتهافت عليها الشبعان والبطران وليس العاطل عن العمل حيث لابطالة ولا مساطر عمال في منطقة ساحة الطيران والعلاوي ،نساء أصبحن يتجولن بسيارات حديثة ومن مناشئ يابانية وتركنا العجلات الصينية والإيرانية التي اكتشفت أنها لاتناسب أجواءنا أو مطابقة للمواصفات القياسية ، وتركنَ التجوال في إشارات المرور والسيطرات الأمنية ، أطفال يجوبون المتنزهات ويرتدون أجمل الملابس ويحملون احدث الأجهزة التي تدل على عنوانهم إن سلكوا طريقا بالخطأ فلا خطف ولاعصابات يمكن أن تخطفهم وتساوم أهاليهم على دفع فدية مالية ومن ثم يسلموهم أولادهم ،فلذات أكبادهم جثة هامدة ،هذا ليس موجودا في بلادنا السعيدة ، الكل في بلادي يسمع نشرات الأخبار من فضائيتنا لأنها تنقل الحدث الصحيح والبث المباشر لكل ما يحدث ولا قطع وتقطيع للأحداث ولا الكلام الجارح ، لأن المسؤولين أناس وطنيون بذلوا جهوداً كبيرة من اجل استقرار وطنهم وأصبحوا دروعا بشرية لصد كل الأزمات السياسية ومحاربة الإرهاب تركوا منازلهم ونزلوا إلى الشوارع لمحاربة الإرهاب والسهر ليلا لراحة المواطن ، لم يعرفوا يوماً معنى السفر ولا حتى حضور مؤتمرات وتنازلوا عن الإيفادات ، إنهم مسؤولون طيبو القلب همهم الوحيد هذا الوطن .. شغلهم مشاكل الناس. . تفكيرهم تجنب حدوث الانفجارات ،يساهمون في توزيع القوت على الفقراء ولم يجلسوا طوال السنوات الخمس الماضية على موائدهم ولم يتناولوا القيمر والكاهي والعسل ورضوا بالخبز والشاي لأنهم يشاركون الفقراء في معاناتهم وجوعهم وآلامهم إن كان لدينا فقراء ،بلدنا سعيد بقدوم هؤلاء المسؤولين الأبطال فلا يستطيع احد أن يخترق جدارهم الذين بنوه ولو برصاص واحدة حتى إن كانت (رصاصة رحمة ) تطلق من مسدس كاتم صوت لإسكات من يحارب الفساد ويقول كلمة حق ،فبلدنا سعيد بهؤلاء المسؤولين وكان الله في عونهم لتحملهم كل هذا البلاء وخوفنا من أن يطلقوا رصاصة الرحمة على أنفسهم ليكونوا فداء لهذا الوطن !
كتابة على الورق

نشر في: 16 يناير, 2012: 07:57 م