أحمد عبد الحسينهجمة مُضَريّة شنّها النائب ياسين مجيد ضدّ السياسيّ اللبنانيّ سمير جعجع، قال مجيد عن الرجل كلاماً لم يقله لا هو ولا سواه من "دولة القانون" عن أعتى غرمائهم، قال انه "أسوأ من علي كيمياوي" وانه "قاتل وعميل للموساد وشريك لشارون" وان "الكثير من المجازر ضد المسيحيين اللبنانيين وفي مقدمتها مجزرة أهدن قد سجلت باسمه".
كلام منفعل كهذا ليس فيه من السياسة شيء، هو أقرب لسجال ضيف في برنامج حواريّ أراده معدّه أن يكون مثيراً بأي ثمن، شتائم تتطاير في كلّ اتجاه للتغطية على لبّ الموضوع. لكن السيّد النائب رأى في أحاديث جعجع تدخلاً في شؤون العراق فردّ له التحية بأحسن منها متدخلاً هو الآخر في شأن لبنانيّ خالص حين اتهمه بارتكاب جرم قديم.ما الذي قاله السياسيّ اللبنانيّ الذي يحل ضيفاً على إقليم كردستان، ليستحقّ غضبة السيّد النائب؟ قال: "إن عمليات استهداف المواطنين المسيحيين في العراق، وصمة عار، وان على الحكومة العراقية تحمّل مسؤولياتها بحمايتهم" وتمنى "أن ينعم المسيحيون بوسط وجنوب العراق بنفس القدر من الأمن والحرية التي يتمتع بها أقرانهم في كردستان".لا أظنّ أن أحداً من العراقيين يهمّه التعرّف إلى تأريخ سياسيّ لبنانيّ، أو أن يكون طرفاً في محاكمة "زعيم القوات اللبنانية" كما فعل السيّد مجيد، نحن في غنى عن التقصّي في حياة لبنانيّ حوكم في بلده وسُجن ثم أطلق سراحه.لكنّ الكلام الذي نطق به جعجع يقوله سياسيون عراقيون ومواطنون عاديون كلّ يوم، وإلا مَن يستطيع الاعتراض على أنّ استهداف المسيحيين وصمة عارٍ، عارنا الذي سنظلّ نحمله وشماً على أرواحنا جميعاً أن سكان البلد الأصليين يتخطفهم الإرهابيون من حولنا ونحن ننظر بصمتٍ، وبعونٍ من صمتنا المخزي هذا فإن العراق سيغدو خلال سنوات قليلة خلواً من أنفس مقتنياته: مواطنيه الأصليين. مَن يمتلك الجرأة وانعدام الرؤية ليعترض على كلام كهذا؟ومَنْ يمكنه الاعتراض على "ان الحكومة العراقية مسؤولة عن حماية مواطنيها"، حتى رئيس الحكومة نفسه لا يستطيع أن يتنصل من مسؤوليته في هذا الصدد، وإذا لم تكن هذه مسؤولية الحكومة التي فيها الشرطة والجيش وقوات سريّة ومعلنة، دستورية وخارج الدستور، فمسؤولية من؟ثم إن ما تمناه جعجع للمسيحيين في الوسط والجنوب "وهل بقي منهم سوى بضعه مئات؟" أن يعيشوا الأمن الذي يعيشه أشقاؤهم في الإقليم، مماثل طبق الأصل لأمنية أغلب العراقيين من مسلمين ومسيحيين، سنّة وشيعة، عرباً وتركماناً وسائر القوميات والأديان والطوائف المتآخية!مّنْ لا يتمنى للعراق أماناً كالذي تشهده كردستان؟ ولماذا نقف في وجه أمنيةٍ "مجرد أمنية" في أن تحفظ كردستانُ ما بقي لنا من مسيحيين هم ملح العراق؟هجمة السيّد النائب على جعجع، ونبشه في تأريخ الرجل الذي لا يعنينا من بعيد أو قريب، غير مفهومة، والحدّة التي أبداها إزاء تصريحاته لم نشهد مثلها أمام تدخلات دول الجوار القويّة التي لا تكتفي بتصريحات فيها تدخل سافر، بل تتدخل فعلاً وبضراوة بحيث باتت بعض هذه الدول شريكة في القرار العراقيّ، بل صاحبة اليد الطولى في صنع هذا القرار.قد يكون الدفاع عن تأريخ جعجع غير مضمون النتائج، لكن تصريحاته في أربيل يمكن الدفاع عنها وتبنيها لأننا نرددها ليل نهار.
قرطاس: ماذا قال جعجع؟
نشر في: 17 يناير, 2012: 07:44 م