حازم مبيضين يوماً بعد يوم تزداد حدة التوتر بين إيران والمجتمع الدولي من جهة, ودول جوارها الخليجي من جهة ثانية, حيث يرفض العالم امتلاكها لقدرات نووية قد تتحول إلى العسكرة في أية لحظة, في حين تهدد طهران دول الخليج بعدم تعويض نفطها إلى دول العالم, في حال تم إقرار حظر على الصادرات النفطية الايرانية, ومعروف أن أكثر من دولة خليجية أعلنت استعدادها وقدرتها على تعويض العالم عن النفط الإيراني,
وفي الأثناء فان معضلة إغلاق مضيق هرمز تتصدر الواجهة, على وقع مناورات بحرية إيرانية في المضيق, تترافق مع تهديدات واضحة وصريحة بإغلاقه بالقوة, دون التفات إلى الأثر الاقتصادي لذلك على الدول الخليجية, أو الأثر الكارثي على مسألة إمدادات الطاقة في العالم, وإذا كانت واشنطن وهي تقود العالم الغربي تعلن عزوفها عن عملية عسكرية ضد الجمهورية الإيرانية, فان إسرائيل ومعها بعض الدول الغربية, لا تخفي استعدادها لمثل هذا الاحتمال, الذي سيكون كارثياً بشكل كامل على المنطقة برمتها, وعلى العالم من بعد ولو بصورة جزئية. بالتوازي مع ازدياد حالة التوتر والتصعيد مع طهران, تبدو فكرة التدخل الدولي ضد حلفاء إيران في دمشق وقد تراجعت إلى مستويات بعيدة, ليس لان أعداء النظام السوري يرون فيه اليوم حملاً وديعاً لا يستحق غير حمايته, ولكن لأن الظروف لا تسمح بذلك في ظل قوة النظام السوري, وقدرته على قمع الاحتجاجات الشعبية ضده, ولسبب آخر يتمثل في ضعف معارضيه وشرذمتهم, وعدم قدرتهم على توحيد كلمتهم, وعجزهم عن استثارة الشارع السوري بالكامل ضد نظام عرف كيف يربط مصالح الكثيرين ببقائه, وترافق ذلك مع قبضة أمنية مشددة لا تعرف الرحمة ولا المهادنة, وهي مستعدة للمضي قدماً وحتى النهاية, في استعمال قبضتها الحديدية الباطشة ضد كل من يقف في وجهها, وفي وقت يقدم فيه النظام بعض التنازلات التجميلية, باعتبارها خططاً للإصلاح السياسي المتدرج الذي تحتاجه البلاد. معروف طبعاً أن النظام الإيراني هو الحليف الأول للنظام السوري, على ما بين النظامين من تباين واضح, فالأول إسلامي التوجه والبرامج بصبغة طائفية, يرفض العلمانية التي تتبناها دمشق وهي تنأى عن الإسلام السياسي, الساعي لتغيير نظام البعث بقيادة تنظيم الإخوان المسلمين, الذي يمثل الوجه الآخر من المعادلة الطائفية ضمن أطر الإسلام السياسي, وللنظام الإيراني أذرع لا تتورع عن التحرك لنصرة نظام البعث السوري, كما أن له حلفاء ينطلقون من الولاء الطائفي, مستعدون لنصرة النظام البعثي, الذي كانوا قد وصفوه بأبشع النعوت, قبل أن يتبنوا اليوم مقولاته عن المؤامرة الخارجية, ويروجوا للمخاوف من أحوال المنطقة في حال إسقاطه, وفي كل الحالات فإن المصالح السياسية هي من يفرض التحالفات في هذه المرحلة الحساسة, التي ابتدأت من تونس ومرت بليبيا واليمن ومصر وتوقفت عجلتها في دمشق. ما يثير المخاوف والقلق اليوم, هو أن يتم استهداف النظام السوري عبر البوابة الإيرانية, مع التبعات الكارثية لذلك على دول المنطقة وشعوبها على المديين القريب والبعيد, وفي مقدمتها النظام السوري الذي سيفقد حليفاً مؤكداً, أبدى استعداده عملياً حتى هذه اللحظة لدعم حكام سوريا, وقدم لهم كل المساعدات التي يحتاجونها, متجاوزاً احتياجات الشعب الإيراني, الرازح تحت وطأة العقوبات الدولية, وليس بعيداً تحرك أذرع النظام الإيراني في العالم العربي ضد حكومات بلادهم, نصرة لولي الفقيه وتضامناً معه وخلطاً للأوراق, وصولاً إلى فتنة طائفية بدأت ملامحها بالتبلور, والمهم اليوم ألا ينجر العقلاء إلى مربع الفتنة, دفاعاً عن نظام يعرف الجميع أن الإسلام يقع في آخر اهتماماته.
في الحدث :دمشق من بوابة طهران
نشر في: 17 يناير, 2012: 08:55 م