TOP

جريدة المدى > عام > طحالب معتّقة

طحالب معتّقة

نشر في: 14 أكتوبر, 2012: 05:01 م

كاظم الواسطي
هل حقاً من ذات الطينِ خُلقنا كي يكونَ العناءُ المثابرُ قدرا يرّتبُ أحوالنا في زوايا البلاد وفي مدنِ الكــوكـب المُتَسع؟ العالَمُ يُلاحقُ ومضةً البرقِ في السماء وينشرُ الأخضرَ على سِعَةِ اليابسِ في كونهِ  لتزهو مرايا النسيم بوجهِ شيـــخٍ يبتســم في فضاء الجليد.  ونحن هنـــا  ننتظرُ الهبــوبَ، ذابلينَ، في منتصفاتِ  أعمارٍ من رماد الصفيح.  على قدر مشّقاتِ أزمنةٍ بالغةِ التوّهــمِ والزوال  ندخلُ في ظلماتٍ من الأرضِ، نتمرّى حشوداً في وجوهٍ تصنعُ الاندثارَ على مدارِ سنينٍ عجاف وأمكنةٍ تتآكلُ بالتراجعِ خطىً من رياح وعندما شبحُ فجرٍ صدفةً على أبوابنا يشرقُ بل خائفاً يطلعُ نلتّحفُ غبارَ المدفونينَ بعيداً في أقصى النسيان ونحلمُ، كبرياءً، بسيفٍ كعظمةِ أجدادنا البائدة في تراب القبور. في بطالة أيامٍ دائمةِ الصُفْرَة نذرّي ما تبقّى نثارا من وهمِ صورةٍ حائلة مهللّين، زعيقاً، في وجوهِ غرباء بعيديــن عنــّا بمقاسات الضوء ومن نسلٍ لا يتكاثرُ كالديدان على عشبةِ الفقر وموتِ الآباء -الحقُ معنا، والتاريخُ لنا، ونُعلنُ الحربَ عليكم بهياكلَ وسيوفِ أجدادنا! وحين يقولون كفى خبباً بين سطورِ كتابٍ قديم نضعُ العظــمَ بيـــن العيـــون، ونُطلقُ من أكفنا اليابسة  جرادَ كهوفٍ يتشظّى جمراً أحمر وهو، أكـيــــــدٌ، فتّاكٌ بالأخضر. 

هُم يحملونَ الأوطانَ برقّةٍ في المعامـــلة دونما حاجة لتصريحٍ صاخب على منابر كلامٍ منــافـق   أو إعلانٍ  كاذب. ونحنُ طرائدَ أوطانٍ تتعلّمُ الصيدَ بأجسادِ أبنائها وتهبُ الموتَ شهادة ولاءٍ لميادينَ قنص الأحياء تُتيحُ لهم ميّتينَ فرصةً في الأعالي لعشاءٍ باذخٍ في ملكوت السماء.

وإذ لا يكونُ لنا خارجَ الزمانِ حظ ٌ بموتٍ سعيد  نجولُ هنا في مطبخِ الشمسِ، وفي صُقعِ الثّلج على مسارٍ بعيد قراصنةً لوردةٍ في الطريق، ولوسادةِ نوم بلا أرقٍ  أو هلوّسةِ أشباه مجانيـــن. في أعطافِ بلادٍ للوفرةِ محكومةٍ بالنضــوبِ  وشّح الترفيه يريدون أن نُهشّمَ كؤوسَ عمرٍ ترّنقت بأحلامنا ونصاعةِ رفقتنا الفارهة كي نحتسي عصارةَ الطحالب المعتّقة  في كهوفٍ للأفاعي  يا ما لُسِعنا مراتٍ من جحورها المظلمة وبقينا، مثلما يرغبون، مؤمنين بتكرار لسعها في مقامِ سمومٍ مجرّب. يتغابونَ عما تكّونَ فينا قبلَ أن يكونَ لهم مّرْبَـــعٌ في ديار البلاد لم نقل ما كان في الأصلِ حقاً مشــــاع فَرْضاً على الكلِ، مثلما يفعلونَ.. ونسكتُ وتبقى فداحةُ الأمرِ أن نســــــــــــــــكتَ.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ماذا دار خلال لقاء السوداني بخامنئي في طهران؟

تعرف على قرعة دور الـ16 من بطولة كأس ملك إسبانيا

تمديد ولاية مجلس المفوضين في مفوضية الانتخابات إلى 2027

الارتفاع عاد للأسواق والمخاوف تتبدد.. هل تكسر "الورقة" حاجز الـ200 ألف دينار؟

خامنئي: أمريكا فشلت في إيران وتحاول تعويض إخفاقها

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

موسيقى الاحد: هاينريش بيبر والمسبحة الوردية

نادي المدى الثقافي يبحث في أشكال القراءة وأدوارها

حركة الشعر الحر وتحديث الأدب السعودي

د. صبيح كلش: لوحاتي تجسّد آلام الإنسان العراقي وتستحضر قضاياه

مدخل لدراسة الوعي

مقالات ذات صلة

مدخل لدراسة الوعي
عام

مدخل لدراسة الوعي

لطفية الدليمي تحتل موضوعة أصل الأشياء مكانة مركزية في التفكير البشري منذ أن عرف البشر قيمة التفلسف والتفكّر في الكينونة الوجودية. الموضوعات التأصيلية الأكثر إشغالاً للتفكير البشري منذ العصر الإغريقي ثلاثة: أصل الكون، أصل...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram