وديع غزوانأثار اتصال رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان برئيس الوزراء نوري المالكي موجة احتجاجات، وبالخصوص من دولة القانون وعده البعض تدخلاً بالشأن الداخلي للعراق وهو ما يرفضه الجميع سواء جاء من تركيا أم من سواها، غير ان الحقيقة التي يعرفها الجميع، ولا يعترفون بها صراحة، إن الأوضاع السياسية المرتبكة دوماً واختلافات السياسيين وصراعاتهم هي التي فتحت الأبواب واسعة أمام بعض الأطراف لتمد اذرعاً لها في العراق وبأغطية متنوعة، بل أضعفت في أحيان كثيرة مواقفنا إزاء الكثير من القضايا.
وقد شكت الخارجية في أكثر من مناسبة عدم توحيد الخطاب السياسي لعدد من القضايا ووضع آليات تحد من التصريحات المتناقضة التي يجتهد بها هذا الطرف او ذاك، بحيث يضيع الموقف الرسمي في متاهات المزايدات السياسية. ونعتقد إن قوة وصلابة موقف اي بلد في تعامله مع الدول الإقليمية او على المستوى الدولي تستند اولاً على صورة المشهد السياسي العام واتفاق أطرافه على الخطوط العريضة له، وترتبط برسم سياسة خارجية متفق على خطوطها العريضة. ليس في هذا مصادرة لحق أي كتلة او طرف في إبداء وجهة نظره بشأن هذه القضية او تلك، غير انها، في مجال العلاقات الخارجية، ينبغي ان تكون في إطار القنوات الرسمية وفي إطارها. ومما يزيد الأمر غموضاً ان كل طرف يتهم شريكه في العملية السياسية بالميل الى جهة خارجية دون اخرى. ومراجعة سريعة الى تصريحات المسؤولين تؤكد ما ذهبنا اليه حتى وصل الى تداول الأمر بين المواطنين وصارت صبغة بعض الكتل إيرانية واخرى سعودية تركية أكثر من كونها عراقية وهذا ما يؤسف له. من الطبيعي جداً أن تسعى كل دولة إلى تحقيق مصالحها على وفق ما تراه مناسباً وهنالك حدود لذلك من أهمها الابتعاد الفج عن التدخل بالشأن الداخلي، غير ان هذه الحدود لكي تحترم من قبل الطرف الآخر يجب ان تستند الى ركائز متينة من أهمها الموقف الموحد للكتل السياسية ازاء المواضيع الإستراتيجية والتنسيق مع لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب ومع وزارة الخارجية بشأنها، لكي لا تكون مواقفنا متناقضة ينفذ من خلالها الطرف الخارجي، وتحمل الوزارة المعنية أعباءً هي في غنى عنها. لا نظن اننا نحتاج إلى جهد كبير لاستذكار نماذج من هذه المواقف من بينها الموقف من ميناء مبارك الذي مازلنا لا نعرف هل هو يضر حقاً بمصالح العراق ام لا وأسباب إنشائه في هذا الوقت، ولا يفوتنا أن نشير الى قضية كانت الى وقت قريب مثار جدل كبير والمتعلقة بتنفيذ الاتفاقية الستراتيجية مع الولايات المتحدة الأميركية وما يرتبط بها من انسحاب قواتها من العراق وضرورة إبقاء عدد محدود لتدريب قواتنا.. الامثلة كثيرة ولا تحصى غير ان الحقيقة المرة التي لا يريد ان يعترف بها اغلب سياسيينا هو أن تدخل اي دولة في شأننا الداخلي نتحمل مسؤوليته نحن وليس سوانا. وقد يكون مناسباً، رغم أن هذا قد لا يرضي البعض، ان ادعو هنا إلى مراجعة تجربة إقليم كردستان التي بنت علاقات متوازنة مع العديد من دول العالم، دون أن يجرؤ احد على التدخل بشأنها.
كردستانيات :أنتم من سمح بذلك!

نشر في: 18 يناير, 2012: 07:21 م