بغداد/وائل نعمةقرر شابان التوقف في أبو نؤاس لالتقاط صور تذكارية خلف تمثالي شهريار وشهرزاد الواقعين في منتصف الشارع، احدهما كان قد عاد مؤخرا الى البلاد في زيارة قصيرة قبل الرجوع الى هولندا، والكاميرا لا تفارق يده كلما حل ضيفا على بيت او سار في شارع ،
ابو نؤاس كان له واقع خاص لدى الشاب المغترب لذكريات قديمة تجمعه مع اصدقائه في هذا المكان الشهير، قبل ان يخرج ضوء "فلاش " الكاميرا امتدت يد احد عناصر الجيش ليسحبها بقوة ويوجه كلامه للشابين " شدتصورون "؟ لم يكونوا يمتلكون جوابا امنيا وببساطة قالوا " نصور بعضنا الآخر ، هل هناك ما يمنع ذلك "؟ العنصر الأمني : ممنوع التصوير في هذا المكان. وقرر باجتهاد فردي أن يمسح كل الصور الموجودة على الكاميرا من ضمنها صور قديمة لا تتعلق بأبو نؤاس !هذا الموقف ينطبق تماما على مشهد لفيلم مصري يتحدث عن شاب مصري عاد ليستقر في القاهرة وقرر تصوير احد جسور العاصمة وفجأة داهمته قوة عسكرية ومسحت كل الصور في الكاميرا وتعرض في اقسام الشرطة الى اسوء معاملة ،حينها قرر جلب جوازه الامريكي ،وانقلب الوضع وبدأ الجميع باحترامه! وفي العراق ايضا يسمح للاجنبي التجوال في داخل المنطقة الخضراء بينما العراقي لا يسمح له حتى بالتصوير في منطقة قريبة من "الخضراء " .ظل شارع أبو نؤاس والجلوس في حدائقه امرا صعب المنال ، فبعدما كان صدام حسين يحتكر دجله عرضا وطولا ويمنع الجميع من الاقتراب او التصوير،قرر الاميركان ان يستخدموا نفس المنطقة وزاد الامر سوءا ،حيث يتذكر ابو محمد بائع سكائر متجول في إحدى الحدائق كيف كانت قذائف الهاون "المتوهمة " تسقط على "ابو نؤاس " بدلا من المنطقة الخضراء التي كانت دائما تتعرض للقصف ،وعانى المارون في ذلك الشارع من السيطرات الامنية وقائمة الممنوعات التي تبدأ بالسؤال عن سبب الوقوف ولا تنتهي بمنع التصوير .وكان قد ادان مرصد الحريات الصحفية اعتداء قوات من الجيش العراقي على مجموعة بارزة من الصحفيين قبل ايام ، ودعا المرصد وزارتي الدفاع و الداخلية للحد من السلوكيات التسلطية التي يمارسها بين الحين والآخر عناصر في الجيش أو قوات الشرطة الذين يفتقدون الى عنصر التهذيب, وثقافة التعامل المتحضر مع الصحفيين سواء حين عملهم في التغطية الإعلامية ,أو حين ممارستهم لحياتهم الطبيعية.الزميل فاضل النشمي معد البرامج في قناة الحرة قال لمرصد الحريات الصحفية, إنه وزملاؤه في القناة عارف الساعدي مقدم البرامج,والزميل قيس حسن رئيس قسم البرامج فيها,إضافة الى الزميل قاسم محمد جبار مدير الإعلام في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الذي كان ضيفا على برنامج العمود الثامن ,الذي تم تسجيله لحساب قناة الحرة عراق ظهر الأربعاء الماضي كانوا متجهين بعد إنجاز عملهم الى شارع أبو نواس وسط العاصمة والمجاور لمكتب القناة عند الساعة الثالثة والنصف من بعد الظهر, وكانوا قد التقطوا صورا تذكارية لفريق العمل والضيف الرسمي حين ترجل جنود كانوا يستقلون عجلة همر عائدة للجيش العراقي, وطلبوا منهم إبراز هوياتهم ,ومسح كافة الصور الملتقطة لدواع تتعلق بالأمن.النشمي أضاف لمرصد الحريات الصحفية ,إن أحد الجنود قال لنا,أنا متفضل عليكم للسماح لكم بالمغادرة, وبطريقة بعيدة عن الذوق لا تتناسب وطبيعة عمله الذي يتوجب عليه القيام به خاصة وإننا صحفيون معروفون, ونمتلك بطاقات العمل الصحفي,وحين قلت له,إنك غير متفضل علينا ,ولا يجوز لك أن تحدثنا بهذه اللهجة الاستعلائية قام عنصر آخر بتوجيه سلاحه الرشاش ناحيتنا متهددا, بينما قام الآخر بتفتيشنا ,والاستيلاء على هواتفنا النقالة ,وهوياتنا وبطريقة استفزازية مقيتة, عدا عن إيقاقنا لأكثر من نصف ساعة إمعانا في التنكيل, علما إنه لا يوجد ما يشير الى منع التصوير في متنزه معروف للعامة والخاصة من الناس.وطالب مرصد الحريات الصحفية عمليات بغداد بتوجيه قوات الجيش العاملة في العاصمة لتوخي الحذر وإتباع الأساليب الحضارية في تعاملها مع الصحفيين والمثقفين, ومغادرة دائرة التسلط ,وهو الأمر الذي دعا إليه المرصد في أكثر من بيان ومنشور وكراس,وكان المرصد قد نشر كراسا بالتعاون مع مؤسسة المدى للإعلام والثقافة والفنون يتضمن جملة من التعليمات والتوصيات لعناصر الجيش والشرطة بخصوص التعامل مع الصحفيين والفرق الإعلامية,تم توزيعه على العشرات من نقاط التفتيش والدوريات المتحركة التابعة لوزارتي الدفاع والداخلية.من جانبه اكد اللواء عادل دحام في اتصال مع "المدى" ان الداخلية لا تمنع احدا من التصوير.وشدد المتحدث باسم الوزارة ان تصوير المؤسسات الحكومية يتطلب موافقة من الداخلية. فيما يذكر عدد من المصورين الصحفيين انهم دائما ما يتعرضون الى مضايقات حينما يقومون بتصوير شوارع وساحات عامة في العاصمة.
ممنوع التصوير .. شارع أبو نؤاس ما يزال محصناً

نشر في: 20 يناير, 2012: 07:26 م