لندن - غريب اسكندر فاز الشاعر جون بيرنسايد بجائزة تي أس إليوت أهم جائزة للشعر في بريطانيا وذلك عن أفضل كتاب شعري مطبوع في المملكة المتحدة وايرلندا عام 2011. وقد حصل الشاعر الذي سبق له الفوز بجائزة (ويتبريد) الشعرية على مبلغ 15 ألف جنيه استرليني عن مجموعته الحادية عشرة (عظمة القطة السوداءBlack Cat Bone)
 متفوقا بذلك على سبعة شعراء وصلوا الى القائمة القصيرة من ضمنهم شاعرة البلاط الملكي كارول آن دافي وشين أُبرين الذي سبق له ان فاز بجائزتي إليوت وفورورد عام 2008 وديفيد هارسنت الذي فاز بجائزة فورورد من قبل أيضا وغيرهم من الاصوات الشابة كالشاعرتين ليونتا فلين وإسثر مورغان.وقد اقيمت امسية لشعراء القائمة القصيرة يوم الأحد الماضي  في القاعة الملكية للاحتفالات Royal Festival Hall بلندن حضرها ألفا مستمع من بينهم كاتب هذه السطور، وقدمها الشاعر إيان مكميلان مقدم البرنامج الأدبي الشهير (الفعل The Verb) الذي تبثه راديو البي بي سي 3. وأظن أن دورة العام الماضي كانت منافستها أشد لوجود شاعرين من اكبر شعراء العالم هما ديرك والكوت وشيمس هيني وقد انتهت كما هو معروف الى والكوت عن مجموعته (طائر البلشون الأبيض). تنبع أهمية (عظمة القطة السوداء) من بنائها الشكلي الجميل وترتيب فصولها التي تتناغم (وتتناقض أيضا!) ثيماتها الشعرية الأساسية مثل (الولادة والموت والحلم والظلام والغموض والإيمان) كل ذلك ينبع من ذاكرة مُرسلِة هي، بالطبع، ذاكرة الشاعر التي تتعدد بتفاصيلها وإن كانت صادرة من مصدر واحد ليصب في ذاكرة متلقيه هي، بالطبع ذاكرة القارئ الذي يقع عليه عبء تأويل كل هذا التشظي وإعادة تصنيفه في خانتين اثنتين تحفل بهما هذه المجموعة هما: إما الأسطورة أو الأغنية. وهكذا تصور هذه المجموعة الامكانيات غيرالاعتيادية للذات الانسانية عموما والذات الشاعرة على وجه الخصوص بكل ما تحمل من تفاصيل أغناها التجوال الروحي في التجربة الشعرية لهذه المجموعة المميزة، وهي من هذا الجانب تذكرنا بحركة الشعر الاعترافيConfessional Poetry، لا سيما تجربة روبرت لوويل؛ تلك الحركة التي أثرت في التجربة الشعرية العالمية عبر ضفتي الاطلسي في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، لكن هذا المصطلح الذي صاغه الناقد أم. إل. روسينثال عام 1960 ظل مصطلحا عائما يُطلق على تجارب شعرية مختلفة من ألن غينسبيرغ ذي اللغة التجريبية الحادة الى سلفيا بلاث بلغتها التأملية الهادئة، هل يعود الأمر الى لاهوتية الشعر على العموم وأنّ القصيدة؛ أية قصيدة هي اعتراف من نوع ما ؟وقد وصفت الشاعرة الويلزية جيليان كلارك رئيسة لجنة التحكيم "عظمة القطة السوداء" لجون بيرنسايد بأنه كتاب رائع لا يفارق الذهن برز وسط  قائمة قصيرة قوية لم يسبق له مثيل؛ هو كتاب عن الحب وذكريات الطفولة والتوق الانساني والشعور بالوحدة. وأضيف الى كلارك، إنه كتاب عن الحيرة الإنسانية والوجودية معاً؛ إنه كتاب يتأمل المصائر البشرية لكن دونما أية إجابة وافية؛ إنه كتاب عن القلق والتردد أيضاً. يقول بيرنسايد انه بعد ان زار متحف الفنون الجميلة (البوزار) في بروكسل فكر كيف يمكن له كتابة قصيدة عن البوزار البلجيكي بعد قصيدة أودن الشهيرة عنه وعن لوحة الرسام الهولندي بيتر بروغيل (سقوط إيكاروس) تحديدا، إلا أنه تعلّم، من لوحة اخرى للرسام نفسه هي (منظر شتوي مع شرك الطائر)، كيفية التعبير بتردد عن أشياء تبدو مؤكدة:   لماذا نسافر في هذا العالمونحن ننزلق كلما مضيناتارة الى الحماقة وأخرى الى الحكمة؟ وقد هاجم الجائزة هذه السنة إثنان من المرشحين لها هما الشاعرة أليساوسوالد التي سبقت ان فازت بالجائزة نفسها ، بقولها "ينبغي على الشعر أن يشككك في مثل هذه المؤسسات لا أن يقرّها"، وتبع اوسوالد الشاعر الاسترالي جون كينسيلا الذي يصف نفسه بأنه شاعر فوضوي ومُسالِم وضد الرأسمالية.وقد ولد الشاعر عام 1955 باسكتلندا ليغادرها في مطلع شبابه لمدة عشرين سنة تقريبا عاملا أعمالاً مختلفة من عامل في معمل الى مصصم أنظمة كمبيوتر قبل أن يعود عام 1995 الى بلده الأصلي حيث يدرّس الآن في جامعة سنت اندروز الكتابة الابداعية، وفي الاطار ترجمة لأحدى قصائد مجموعته الفائزة: