TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > شراكة وطنية بنكهة طائفية

شراكة وطنية بنكهة طائفية

نشر في: 21 يناير, 2012: 08:29 م

محمد صادق جراد بعد التاسع من نيسان 2003 تمت دعوة القوى والأحزاب السياسية العراقية المعارضة في الداخل والخارج لإشراكهم في العمل السياسي لإدارة الدولة العراقية التي تعرضت للاحتلال الأمريكي الذي تمكن من إسقاط نظام شمولي دكتاتوري متسلط.
والأمر الذي لا يمكن لأحد أن ينكره هو أن تلك القوى والأحزاب السياسية لم تمارس العمل السياسي قبل هذا التاريخ ولم تكن لديها خبرة ميدانية لأن النظام احتكر ذلك العمل طيلة سنوات حكمه له ولحزبه ولأزلامه الذين اخذوا يتناقصون شيئا فشيئا حتى تمكن ذلك النظام من التفرد بالسلطة وحده والسيطرة على مراكز القرار ليكون مطلق الصلاحيات عمل على تهميش الأحزاب الأخرى لتنخرط جميعها في المعارضة السياسية داخل وخارج العراق. عودة تلك الأحزاب والشخصيات جاء لإشراكها في تجربة ديمقراطية أريد لها أن تكون نموذجية في المنطقة العربية والشرق الأوسط إلا أن تلك الدعوات للمشاركة لم تحددها معايير وطنية أو ضوابط مهنية بل اعتمدت النظرة الضيقة للتنوع الإثني والطائفي في العراق حيث تم زج المكونات الاجتماعية في العمل السياسي وبنسب مختلفة تتناسب مع حجم ذلك المكون والنسبة التي يشكلها في المجتمع بعد أن قام الحاكم المدني بريمر بتشكيل مجلس الحكم وأعطى حصة لكل مكون ليؤسس منذ ذلك اليوم لنظام حكم في العراق يعتمد الطائفية والقومية والمذهبية في توزيع المناصب وتقسيم السلطة. والأخطر من ذلك ان هذه التقسيمات انجرت على الشارع العراقي لتنعكس على خيارات الناخب العراقي في ظل غياب الثقافة الانتخابية والمفاهيم الديمقراطية عن المواطن البسيط الذي يشكل نسبة كبيرة من أصوات الناخبين. ومن يومها انفتحت الأبواب مشرعة أمام الأحزاب والطوائف والأديان والقوميات والقبائل والشخصيات من جميع الانتماءات للعمل السياسي في وضع لا يمكن وصفه سوى بالفوضوي يسعى جميع المشتركين فيه إلى الحصول على المكاسب الفئوية الضيقة دون التفكير بالمصلحة الوطنية .ويمكننا اليوم أن نقول بأن العملية السياسية في العراق لم تتمكن من التخلص من هذه الحالة السلبية لحد اليوم بالرغم من مرور أكثر من ثماني سنوات تخللتها دورتان انتخابيتان أنتجت نفس النتائج السابقة من ناحية التقسيم الطائفي والقومي في ظل نظام انتخابي ساعد على ذلك وكل ذلك ساهم في تحويل العمل السياسي في العراق من منافسة مشروعة لتقديم الخدمات للشعب عبر برامج وطنية مخلصة الغرض منها النهوض بواقع البلاد الاقتصادي والاجتماعي إلى منافسة على توزيع المناصب ومحاولة الحصول على مكاسب أكثر لصالح المكون والطائفة والحزب ومحاولة تسقيط الآخر دون الالتفات للتحديات التي يمر بها العراق اليوم ومنها ما يعانيه المواطن من خطر الإرهاب وتنوع أساليبه في قتل الناس إضافة إلى نقص الخدمات في العديد من القطاعات الاقتصادية كالكهرباء والماء والصحة فضلا عن التحديات الخارجية المتمثلة بالعلاقات المتوترة مع دول الجوار التي تتجاوز على حقوق العراق البرية والمائية والنفطية.ما نريد أن نقوله إن المحاصصة الطائفية والآليات الديمقراطية المؤدية إليها كان لها الدور الأخطر في الخلافات التي تشهدها العملية السياسية اليوم لأن القوى السياسية مازالت تعمل تحت لواء الطائفة والحزب والكتلة ولم ترتق لحد اليوم إلى إدراك المفاهيم الديمقراطية وقيم المواطنة والوطنية الحقيقية ليتسبب السياسيون في ضياع الزمن والجهد ليبقى المواطن يتطلع للأداء المتردي للمؤسسات التشريعية والتنفيذية التي دخلت دائرة الصراع بسبب نظام المحاصصة وحكومة الشراكة التي أصبح الجميع اليوم يدرك بأنها ذات آلية عقيمة في إقرار القوانين وتقديم الخدمات إلا أن البعض متمسك بها خوفا من خسارة المكتسبات التي وصل إليها عبر شراكة وطنية ذات نكهة طائفية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram