□ ترجمة عبد الخالق علي القصف التركي الذي تعرض له القرويون الابرياء في كردستان العراق يتطلب تحقيقا عادلا من اجل بناء الثقة مع الكرد. في يوم 28 كانون الاول كانت مجموعة من تلاميذ المدارس و القرويين الصغار ينقلون الوقود الرخيص من العراق الى تركيا،
و عندما وصلوا الى المنطقة الحدودية شنت طائرات اف-16 التركية هجوما عليهم، و في غضون ساعة واحدة قتلت 34 فردا من هذه المجموعة – بينهم 17 طفلا .rnفي البداية اعتبر الجيش التركي هذه الغارة نجاحا كبيرا مدعيا ان طائراته قتلت مقاتلين من حزب العمال الكردستاني – و هو مجموعة من المسلحين الثائرين ضد الدولة التركية منذ عام 1984.لكن سرعان ما ادرك الجيش بان الضحايا كانوا من المدنيين، و بعضهم من صغار السن. القى الجيش والاستخبارات الوطنية اللوم على بعضهم البعض بسبب المعلومات المضللة التي قادت الى ذلك الهجوم . من جانبه ردد رئيس حزب السلام و الديمقراطية الكردي صلاح الدين ديمرتاس الغضب الذي شعر به الكثيرون في تركيا، عندما اطلق على الحادث "مجزرة الشباب" و طالب الحكومة بالاعتذار الى عوائل الضحايا . و تحت الضغط السياسي وافقت الحكومة على البدء بالتحقيق في هذا الحادث. الا ان الكثير من الاكراد يشكّون بقدرة او برغبة الحكومة التركية في اجراء تحقيق شفاف و مستقل . في الذكرى السنوية لمقتل هرانت دينك – الصحفي التركي الارمني – على يد متعصبين اتراك، صرحت منظمة حقوق الانسان بان التحقيق الرسمي والمحاكمة اللاحقة كانت بمثابة "تمثيل سخيف للعدالة".نتيجة لذلك يعتقد الكثير من الاتراك بان الدولة غير قادرة على التحقيق في الافعال التي ترتكبها مؤسساتها. ارتكبت القوات المسلحة التركية - باسم محاربة الارهاب – انتهاكات لا تحصى لحقوق الانسان في المنطقة الكردية على مدى عدة عقود من دون اجراء تحقيقات شفافة مناسبة.عندما انتقد وزير الدولة لشؤون حقوق الانسان، ازميت كويلوغلو، الجيش التركي عن ارتكابه " اعمالا ارهابية " في منطقة ديرسم من خلال حرق القرى الكردية عام 1994 ، منعه الجيش من زيارة المنطقة.في السنة التالية اتهموا الصحفية اليزا ماركوس، رويترز، بتاجيج العداء و الكراهية من خلال مقالتها التي اعتبروها عنصرية" القرى الكردية: هدف الجيش"، ثم تمت تبرئتها الا انها لم تتمكن من الكتابة من تركيا بعد ذلك . هذا التاريخ المؤلم خلق احساسا عميقا بعدم الثقة بين السكان الاكراد تجاه الدولة و الجيش. مع هذا فقد حققت حكومة رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان بعض التقدم في التعامل مع الاكراد منذ مجيئها للسلطة عام 2002.فمثلا، اعتذر اردوغان للشعب الكردي في ديرسم نيابة عن الدولة عن الحملة العسكرية عام 1937 والتي نتج عنها مقتل اكثر من 13 الف من السكان الكرد.في تقرير نشر الشهر الحالي،واقر مفوض حقوق الانسان في المجلس الاوربي بالتقدم الحاصل لكنه ذكر ايضا بان " مشاكل ادارة العدالة " في تركيا تعني بان " حماية الدولة غالبا ما تكون لها الاولوية على حماية حقوق الانسان". و هذا يمتد الى معاملة الدولة لوسائل الاعلام التي يواجه صحفيوها التهديدات المستمرة و السجن في حالة نشرهم مقالات تطالب بمحاسبة السياسيين. حاليا هناك ما يقارب من مئة صحفي في السجون بالاضافة الى ان تركيا تعتبر مكانا خطيرا للصحفيين، و هذا سبب آخر لصعوبة قيام الصحفيين بتغطية احداث مثل القصف الذي جرى في كانون الاول.وعلى العكس، فان الصحفيين الذين يظهرون دعمهم للحكومة، خاصة فيما يتعلق بالصراع في المنطقة الكردية، لا يواجهون سوى القليل من المشاكل. في ت2 من العام الماضي، قدّم اربعة من رؤساء وكالات انباء تركية تعهدا للحكومة بتنقيح الانباء الواردة من المنطقة الكردية باسم محاربة الارهاب. فعندما نقرأ عنوانا بارزا في صحيفة الحرية يقول " تركيا للأتراك " فمن الصعب ان نتصور ان مثل هذه الصحيفة تنصف الاكراد و الارمن و غيرهم من القوميات في تركيا . من خلال ترويض الجيش والسيطرة على السلطة القضائية على مدى السنوات القليلة الماضية ، يمتلك اردوغان اليوم الوسائل للتحقيق في مجزرة كانون الاول بشكل شفاف و شامل و من خلال ذلك يكسب ثقة السكان الاكراد في تركيا. واذا ما فشلت الحكومة في اجراء تحقيق معمّق بهذا الحادث، و اذا لم يتم تقديم اولئك الذين اصدروا اوامر الضربات الجوية الى العدالة، فمن الممكن ان يتسبب هذا الحادث بانحراف التقدم الذي حققته حكومة اردوغان بشأن المسألة الكردية. ■ عن: الغارديان البريطانية
باسم مكافحة الارهاب تركيا ترتكب (مجزرة الشباب)

نشر في: 21 يناير, 2012: 09:34 م









