TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > العمود الثامن: دخول التاريخ بالاحذية الخفيفة!

العمود الثامن: دخول التاريخ بالاحذية الخفيفة!

نشر في: 21 يناير, 2012: 10:34 م

 علي حسينتطالب الناس بحكومة خدمات فيأتي لهم الساسة بمجلس أعلى ينظم لهم ما يرتدون على أمل أن يتبعه مجلس آخر يحدد لهم ما يسمعون ويأكلون، يعلو هتاف الناس بضرورة حكومة إنقاذ وطني فيكون الرد بقرارات من عينة الحشمة في دوائر الدولة وضرورة فصل الطلاب عن الطالبات وإبعاد الكفاءات لنوازع طائفية مقيتة.
بعد تسع سنوات من اللغو والخطابات التي انتهت صلاحيتها  نجد أنفسنا وسط مسؤولين يسعون لإغراق حياتنا بكل ما هو مزيف وتأخذنا الحكومة في دهاليز الاختيار بين العمل على تطوير مؤسسات الدولة أم إصدار تعليمات للحشمة ومراقبة زي الموظفات، تندلع الأسئلة مجددا مع الاشتباك الدائر حاليا حول تراجع مستوى التنمية والتعليم والصناعة والزراعة في العراق، هل نهتم بتحديث المجتمع وتطوير قدرات العاملين في مؤسسات الدولة أم ننتظر ما تقرره لجان على شاكلة لجنة تطوير المرأة فيما يتعلق بحرمة ارتداء النساء الأحذية الخفيفة.  اكتب هذه المقدمة وأنا اشعر بالاستغراب حين اقرأ بيان وزارة المرأة الذي أرادت ان توضح فيه موقفها من قرارات لجنة ما يسمى بتطوير المرأة فإذا بها تستخدم نفس الخطاب، يقول البيان إن "الرسالة التي تضمنها الكتاب وصلت خاطئة لان لجنة المرأة أكدت فقط أهمية أن تكون أزياء الموظفات ملائمة للدوام في المؤسسات الحكومية وكذلك الحال بالنسبة للموظفين الرجال "إذن هناك رسالة يعتقد واضعو البيان أنهم بصدد تعميمها على العراقيين رجالا ونساء".مضحك ومثير للسخرية أن يتصور البعض من المسؤولين أنهم ينتمون الى جماعات تتلقى أوامرها من السماء، وليست أحزابا سياسية تدين بوجودها لأصوات الناخبين ومثير للأسى أن تستخدم هذه الشعارات والقرارات  للتغطية على نهب أموال الدولة وانتشار المحسوبية والرشوة، ومثير للسخرية أن نعيد على أسماع الناس خطب، ووصايا "القائد الضرورة" التي استخدمت، لصناعة الدكتاتوريات والخراب.لقد خرج العراقيون من ظلمات الحكم العثماني على يد فيصل الأول والذي أسس لدولة حديثة، وكان أحد أهم أركان هذه الدولة رجال للفكر المستنير. فلولا الجهود العظيمة لمحمد رضا الشبيبي والرصافي والزهاوي وساسون حسقيل والكرملي وتلامذتهم، لما كان العراق الحديث المتنور، الذي عرفناه حتى بداية السبعينيات من القرن الماضي، قبل أن تهجم عليه فلول قائد "الحملة الإيمانية". فيا أيتها النسوة العزيزات اللواتي تحملن الكثير في انتظار الرخاء، حكومة تلو حكومة، والرخاء لا يأتي، والأزمات تشتد ولا تنفرج، لا تغضبن، فالرهان على الحكومة ووزرائها في تحويل مدنكم إلى ولايات العصور الوسطى ما يزال كبيرا.وأيها المواطنون انتم سبب كل الأزمات، تأكلون بإفراط، تنتقدون بلا فهم، تسألون كثيرا لماذا كل هذا الفساد في المؤسسات الحكومية؟. لماذا يعيش الذين ينهبون الوطن في رخاء؟ لماذا يموت الفقراء، حرقا في سيارات الكيا، أو في طوابير البحث عن عمل؟أيها المواطن المسكين، كثير من المسؤولين، لا يريدونك أن ترى الحقيقة، وتعرف أنهم سر مأساتك، ولو طالوا لقبضوا عليكم جميعا، وأودعوكم في سجون مظلمة، أيها المواطن أنت مشاغب، لأنك تريد أن تحيى من دون أن تهان، وأن تنام في أمان، تريد حياة كريمة، تفكر وتأكل وتعمل وتنام وهذا كثير في زمن أشاوس الطائفية. أيها المواطن لا تسلْ ماذا فعلت مؤسسات الدولة؟ ولا تقول أن الكثير من مسؤوليها يعتقدون أنهم يديرون شركة تهدف إلى الربح، فحولوا الاموال والمشاريع والمقاولات إلى مقربين وأحباب وأصحاب. أيها المواطن لا تستغرب الصمت الحكومي في مواجهة تصرفات لجان  تطوير المرأة وجلاوزة الحشمة في الوزارات،  فقد خدعوك، كنت تحلم بالتغيير فوجدت أمامك مسؤولين يروجون لقرارات مضحكة ومثيرة  للسخرية، لعل اكثر ما يلفت النظر  في رد الوزارة ويستحق التوقف عنده ، هو تصاعد الدعوات والنداءات لوزارة المراة متع الله وزيرتها بالصحة والعافية، لدخول التاريخ من بوابة منع الرجال ايضا ارتداء الاحذية الخفيفة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram