اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > الملاحق > الحكومة ترحّل ملفات الإصلاح.. وتواصل تضييع فرص التنمية

الحكومة ترحّل ملفات الإصلاح.. وتواصل تضييع فرص التنمية

نشر في: 22 يناير, 2012: 09:52 م

□ برلين/  د. ناجح العبيدي أضاع العراق بعد سقوط النظام الديكتاتوري سنوات لا تعوّض من أجل إرساء نموذج اقتصادي جديد يكفل وضع مسيرة التنمية على الطريق الصحيح. ويعود أحد أسباب تلكؤ الحكومة الواضح في تطبيق الإصلاحات الاقتصادية الضرورية إلى السياسات الشعبوية ومحاولات تملق الشارع في ظل احتدام الصراعات داخل الائتلاف الحاكم.
الانحناء حتى تمر العاصفة. هذا هو كما يبدو شعار الحكومة العراقية في الوقت الحاضر في التعامل مع ملفات الإصلاح الاقتصادي الملحّة. ففي شباط 2011 قررت الحكومة العراقية على سبيل المثال بجرة قلم تأجيل العمل بقانون التعرفة الجمركية الجديد الى أجل غير مسمى. ولم يأت تجميد القانون رغم إقراره من قبل مجلس النواب عن قناعة متأخرة بعدم جدوى الرسوم الجمركية، بل نتيجة عامل الخوف من أي ردود فعل شعبية محتملة. ويبدو ان هذا الاسلوب تحول الى نهج دائم لا يقتصر على العراق. فمنذ اندلاع ثورات الربيع العربي تحول هاجس الخوف من الشارع الى شبح يقض مضاجع الحكام بمختلف ألوانهم. وهو أمر جيد ومطلوب في منطقتنا المعروفة بإرثها الاستبدادي الطويل، غير أن هذا الخوف يدفع الحكومات في كثير من الأحيان الى اتخاذ إجراءات شعبوية هدفها تهدئة الشارع بأمل أن تمر العاصفة بأقل الخسائر. وتبرز هذه الظاهرة خصوصا في الجانب الاقتصادي حيث أقدمت عدة حكومات عربية على خطوات تبدو في ظاهرها وكأنها محاولة للتخفيف من الأوضاع المعيشية الصعبة للجماهير، ولكنها في واقع الأمر تتعامل مع قشور المشكلة ولا تحل أسبابها. ونتيجة لذلك تحول الربيع العربي عمليا الى عائق بوجة الاصلاح الاقتصادي بدلا من يكون حافزا لاعتماد نموذج اقتصادي جديد قادر على مواجهة التحديات الكبيرة. وهنا يكمن أحد الفروق الجوهرية بين التحولات في المنطقة وبين تجربة دول أوروبا الشرقية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي والتي لم تتبن القطيعة الكاملة مع نظام الحزب الواحد فحسب وإنما أيضا مع نموذجه الاقتصادي القائم على التخطيط المركزي وهيمنة القطاع العام.هذه الظاهرة تتضح أيضا في العراق حيث يلاحظ إرجاء الكثير من الاصلاحات الاقتصادية الضرورية بسبب الخوف من غضب الشارع، بالاضافة الى الشلل الذي أصاب الحكومة نتيجة استفحال الخلافات بين أطراف الائتلاف الحاكم. وفي الوقت الذي تتخذ حكومة المالكي موقفا ملتبسا، بل ورافضا اتجاه رياح التغيير في المنطقة، تلجأ أيضا الى ركن الكثير من الملفات الساخنة وإصدار قرارات متسرعة تتنافى مع أبسط مبادئ الاقتصاد ولا تخدم التنمية المستدامة على المدى الطويل. ولم يكن تأجيل العمل بالتعريفة الجمركية إلا مثالا بسيطا على ذلك. فبعد تظاهرات ساحة التحرير في ربيع العام الماضي والتي كان انقطاع الكهرباء المستمر في صيف العراق اللاهب أحد عناوينها الرئيسة تفتقت عبقرية حكومة المالكي وبعض حلفائه عن حل أقل ما يوصف بأنه قرار قرقوشي. فقد بدأت الحكومة بتوزيع الوقود بالمجان على مالكي المولدات الخاصة بأمل أن يساعدوا في التخفيف من حدة هذه المشكلة التي أصبحت رمزا لدولة العراق الفاشلة. وبطبيعة الحال لم تمض ِ سوى فترة قصيرة لكي يكتشف بعض مشغلي المولدات أن بيع الوقود في السوق السوداء أسهل وأكثر أرباحا من تزويد الموطنين بالكهرباء. وعندما تكتشف الحكومة ذلك سترد على ذلك بالرقابة والتي سرعان ما تتلاشى في دهاليز الفساد المتشعبة. وهكذا يدخل الجميع في دوامة ليس لها آخر والسبب هو عجز الحكومة طوال السنوات الماضية عن تقديم حل جذري لمشكلة الكهرباء.وتتجسد سياسة تأجيل الاصلاحات بشكل واضح في التعامل مع القطاع العام المتضخم والمترهل. فبدلا من تطبيق حلول جذرية مع هذه التركة الثقيلة الموروثة من النظام السابق نجد أن اطراف ما يدعى بحكومة الشراكة الوطنية يتنافسون في الدعوة للاعلان عن عشرات الآلاف من الوظائف الشاغرة في أجهزة الدولة رغم علمهم بالأبعاد المخيفة لمشكلة البطالة المقنعة والتي تتسبب في هدر المليارات. ولو وظفت هذه الأموال بكفاءة لأدت الى خلق فرص عمل مفيدة ومصادر رزق دائمة لمئات الآلاف من المواطنين.بعد الإطاحة بالنظام الديكتاتوري طُرحت العديد من المقترحات حول خصخصة مؤسسات الدولة وإعادة هيكلتها ومنها إصدار قانون للخصخصة وإنشاء هيئة عليا للخصخصة. ولكن الحكومات العراقية المتتالية واصلت منذ العام 2005 تجاهل هذه الملف الهام. ثم جاءت حكومة المالكي لتفتح باب التعيين في مؤسسات حكومية تعاني أصلا من فائض في العمالة ولا تعمل بعشر طاقتها الانتاجية وتتكبد خسائر باهضة حولتها الى عالة دائمة على ميزانية الدولة. ومن الملفت للنظر أن مسؤولي الدولة يحاولون الالتفاف على الاستحقاقات الاقتصادية عبر شعارات فضفاضة وفارغة من المضمون عن الشراكة بين القطاعين الخاص والعام.وتتجلى سياسة التهرب من مواجهة التحديات الاقتصادية في طريقة التعامل مع إصلاح النظام الضريبي. فبعد 2003 عقدت وزارة المالية الكثير من الندوات العلمية وأقرت خططا طموحة هدفها تفعيل دور الضرائب في التنمية وتقليص اعتماد الموازنة على النفط. غير أن هذه الخطط بقيت حبرا على ورق ولم تجد طريقها الى التنفيذ. وتبدو الحكومة الآن وكأنها ترى في وزارة المالية ما يشبه أمين الصندوق الذي يسهر على تحصيل أموال النفط وتوزيعها. أما استخدام أدوات السياسة ا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

اشتعال أزمة سوريا وتركيا.. ورومني يدعم تسليح المعارضة
الملاحق

اشتعال أزمة سوريا وتركيا.. ورومني يدعم تسليح المعارضة

  دمشق / BBCبعد أيام من سقوط القذائف السورية عبر الحدود إلى تركيا، ما يزال التوتر وأعمال القتل، تتصاعد على جانبي الحدود، في وقت أعلن فيه مقاتلو المعارضة قرب السيطرة على معسكر للجيش النظامي...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram