وديع غزوان لن يجدي نفعاً الحديث عن أهمية التعداد السكاني الذي ما زال موعد إجرائه مؤجلاً إلى أمد غير معلوم بحسب آخر تصريح لوزارة التخطيط والمتحدث باسمها الذي قال "لم تحدد الوزارة إلى الآن أي موعد لإجراء التعداد، ونأمل أن تحسم القضايا التي تسببت بتأخيره في هذا العام". فرغم أن التعداد، وكما هو معروف في كل دول العالم قضية إحصائية فنية، فانه ارتبط عندنا مثل كل الأشياء الأخرى بالتجاذبات السياسية وتوافقات كتل لم تجد في ما بينها مشترك عام يتعلق بمصلحة العراق،
وتبعد القضايا الجوهرية عن المصالح الحزبية والطائفية والعنصرية الضيقة، لذا لا نظن أن لهذا التعداد من نصيب في أجندة الكتل السياسية المتخندقة بمصالحها ما دام أمد تحقيق " مصالحة حقيقية" بينها صار طويلا وطويلا جداً. لم افهم سبب تصريح الوزارة الذي تقول فيه " إنها لا تحتاج إلى احد لإقناعها بتحديد موعد إجرائه " و "مازالت المشاكل القديمة التي وقفت عائقاً أمام إجراء التعداد قائمة إلى اليوم، منها المناطق المتنازع عليها، وحقل القومية في استمارة التعداد مازالت موضع خلاف". وكنت أتمنى ان تدعو الوزارة الكتل السياسية الى إبعاد خلافاتها عن مثل هكذا موضوع وان توضح أن كثيرا من المشاكل سواء التي وردت في توضيحها أم غيرها، قد تجد طريقها إلى الحل إذا ما أنجز هذا التعداد بشكله الطبيعي المعتمد في كل دول العالم. ولا ندري كيف يمكن لحكومة أو مؤسسة أو سياسي أو باحث أن يضع الخطط والتوقعات عن أية قضية اقتصادية او اجتماعية بل حتى سياسية من دون إحصائيات دقيقة توضح عدد السكان الحقيقية ونسبة النمو فيه ودخل الأفراد وأعداد المنشآت الصناعية والتجارية وأنواعها، ونسبة الشباب والنساء والشيوخ ونسب المكونات في كل محافظة وغيرها من الأمور والمواضيع التي تمكن أي جهة حكومية أو سياسية من بناء تقديرات مستندة الى شيء من الواقع . التصريح المشكور أثار لدينا وربما لدى غيرنا تساؤلات من بينها كيفية مناقشة الموازنة في ضوء هذا الإصرار على تأجيل التعداد السكاني سياسياً دون أن تتحمل الوزارة المعنية مسؤولية ذلك حيث أنها وبحسب معلوماتنا المتواضعة هيأت مستلزمات إجراء التعداد منذ فترة ومن بينه الترقيم، ولا ندري إن كانت هذه الأعمال، التي استنزفت الكثير من الجهد والمال، ستبقى محافظة على قيمتها بعد كل هذا الوقت، مع ما تشهده المحافظات من متغيرات عمرانية كثيرة. إن آخر إحصاء سكاني حصل في العراق كان في عام 1997، ومعروفة الظروف التي كان يعيشها العراق في تلك الفترة والتي حالت دون إجرائه في محافظات إقليم كردستان، وهي فترة ليست بالقصيرة، لذا فان تعطيل إجرائه معناه استمرار اعتماد الخطط على وفق اجتهادات وتقديرات ليست علمية. ومن الخطأ باعتقادنا ربطه بالتوافقات كما أكد رئيس الوزراء نوري المالكي، في وقت سابق عندما قال" إن الحكومة العراقية ملتزمة بإيجاد التوافقات لتنفيذ التعداد السكاني العام ".
كردستانيات:التعداد السكاني معطل سياسياً!
نشر في: 22 يناير, 2012: 09:58 م