سرمد الطائي اخطر ما يمكن أن تفعله جماعة هو أن تدافع عن أخطاء أبنائها. أما إذا كان لدى الجماعة ابن مثل نوري المالكي وراحت تدافع عنه، فعلينا أن نرثي لحالها كثيرا بسبب وقوعها في مأزق كهذا. وقد قال لي صديق احترمه (لكنني استمعت له بلون من الصدمة قبل يومين)،
إن الانتقادات التي نسجلها على رئيس حكومتنا صحيحة لكن مشكلتها أنها "تدخل السعادة على خصوم البلاد والطائفة". الصديق يعدد معي "المالكي يحيط نفسه بمستشارين قصيري النظر، وبطانته تدير الأمور بنحو فاسد، ومن الصحيح القول انه فشل في معظم الملفات التي أدارها. صحيح أيضا انه ضيع فرصا مهمة على البلاد (وعلى الطائفة)، وصحيح انه ينغمس في السياسة وينسى القطاعات الحيوية. صحيح انه لم يتطور خلال سبعة أعوام من الحكم، وانه متشدد أصولي يواجه صعوبة في إخفاء طابعه هذا.. لكن علينا ألاّ نجعل السعودية والتكفيريين يفرحون، وان ننتبه الى أن تسجيل الاعتراض على المالكي حاليا يجعل التكفيريين سعداء للغاية.. ارجو منك ومن أمثالك ألاّ تقدموا خدمة لأعداء البلاد وخصوم الطائفة".الصديق يرتكب معي مغالطة كبيرة، ويحملني مسؤولية إدخال الفرح على قلوب "التكفيريين وسلاطين السعودية"، وكأن سرمد وأمثال سرمد هم الذين فشلوا في بناء جهاز استخبارات يحمي البلاد، لا المالكي. أو إنني أنا الذي بددت الموازنات المالية الكبيرة دون أن ابني محطة كهرباء واحدة طيلة 9 أعوام، لا المالكي وحزبه الذي زار القارات السبع مرارا وتجول في أنحاء الكرة الأرضية ثم اشتكى لنا قبل شهرين أن كبرى الشركات ترفض العمل في العراق بسبب "الفساد".الصديق يفترض أن النقد والاعتراض الذي نسجله في صحف توزع بضعة آلاف من النسخ لبلد بثلاثين مليون نسمة، أمر يدخل الفرحة على قلب "عدو" للبلاد أو للطائفة العزيزة. بينما يتجاهل الفشل المدوي الذي يجعل 4 ملايين بصري يشربون الماء المالح، ويستخرجون النفط الثمين ويقدمونه على طبق من ذهب لحكومة تنقصها الحكمة، ومثل هذا الفشل المدوي أمر جليل يحدث على مرأى ومسمع من الدنيا، والدنيا كلها تهزأ بنا، وهذه السخرية المرة هي التي تدخل أكمل أشكال السعادة على قلوب أعداء البلاد (وخصوم الطائفة).لم يقتنع الصديق بكلامي هذا، وراح يهزأ بي وبأمثالي. "لماذا أراك أنت وأمثالك تلحون كثيرا في مواضيع من قبيل أن المالكي لم يضف حتى ساعة كهربائية على تيار الطاقة، وانه لم ينجح حتى في جمع القمامة من الشوارع الرئيسية لبغداد... وانه ترك أهل البصرة يشربون الماء المالح منذ أربعة أعوام بينما راح ينفق أموال نفطها حتى خارج الموازنة... لماذا ينشغل المثقفون وصناع الرأي بنفط الصوبة وكهرباء الفلورسنت وازبال الشارع.. ماذا تركتم للعجائز والنساء اللاتي يشتكين على شاشات الفضائيات من أحوال المعيشة وظروف البلاد".الصديق العزيز يدعوني الى ان انخرط في "تحليل جيوسياسي معمق" لـ"مؤامرات" تحاك ضد البلاد والطائفة العزيزة على قلوبنا جميعا، بدل ان أواسي ملايين العجائز والأرامل الباحثات عن لحظة دفء لعوائلهن، او فرصة عمل لشباب العائلة المحبطين. الصديق يقبل بطائفة جائعة بلا كهرباء تقيم في مدن وسخة، طالما كان رأس الزعيم سالما وسمعته تتلقى ما يكفي من تلميع وتزويق.. ويريد ان يجند "المثقفين" في مهمة إدخال الحزن والإحباط على قلوب "التكفيريين".اخطر ما يمكن أن يفعله المرء لجماعته، أن يخطئ في حقهم وان يفشل في إدارتهم، و"يدخل السعادة على قلوب خصوم الجماعة"، ثم يطالب جماعته المنكوبة العطشى والمهملة، بأن تكيل له المديح وتدافع عنه. أليس كذلك أيها الصديق العزيز؟
عـالَـم آخــر :المالكي يسعد "خصوم الطائفة"
نشر في: 22 يناير, 2012: 10:32 م