علي حسين رددت مع نفسي وأنا اقرأ بيان وزارة المرأة "إذا بليتم فاستتروا" ولأن شر البلية ما يضحك، وشر السياسة السذاجة.. وفي الساحة السياسية الكثير من المضحكات التي تستحق أن نذرف الدمع تعاطفاً لا سخرية، حزناً على بعض المسؤولين وتصرفاتهم، واكتئاباً من مواقفهم غير الناضجة، ورفضاً لسلوكهم الذي لا يحترم الناس، فالناس في النهاية تريد مسؤولين حقيقيين يسعون لخدمة البلاد وليس مسؤولين يصنفون على خانة "البلية". ليس لدي موقف شخصي من وزيرة المرأة الدكتورة ابتهال كاصد،
ولكنني أرى أنها تجسد ذلك التناقض المخيف في التعامل مع قضايا المرأة، فهي تتحدث عن ضرورة تحويل وزارة المرأة إلى وزارة سيادية، لكنها بالمقابل تؤمن بعدم التساوي بين الرجل والمرأة فيزيولوجيا أو عقليا، وهي تؤيد مبدأ الزواج المبكر للفتاة وهي تعترف صراحة أن الرجال قوامون على النساء وهم أصحاب الحق القيادي في الأسرة.- هذا ما تحدثت به في لقاء اجراه الزميل سعدون ضمد للحرة - ، ولعل البيان الاخير الذي صدر امس عن مكتب الوزيرة يوضح بدقه هذا التناقض، فهي تنفي اصدارها قرارات لفرض أزياء معينة على الموظفات، لكنها في الوقت نفسه تؤكد انها اوصت بتوجيه الوزارات بالتزام الموظفات بالزي المناسب للعمل، والأكثر غرابة انها تقول في بيانها أنها تركت مهمة تحديد الزي الى المؤسسات ولم تنس الوزيرة ان تذكرنا بقلة خبرتنا في الاطلاع على تجارب الشعوب وجهلنا لما يدور حولنا في العالم فتقول في ختام بيانها إن مثل هذه التعليمات معمول بها في اغلب دول العالم المتقدمة، طبعا من غير المعقول إن الدكتورة ابتهال تعني بالعالم المتقدم دولا مثل السودان وأفغانستان. منذ أن وضع أول دستور عراقي عام 1925 أدرك المشرعون العراقيون مكانة المرأة في المجتمع من خلال قراءتهم لتاريخ المرأة ونضالها وما هو الدور الفاعل الذي يمكن أن تقوم به، فيما اقر دستور 2005 ما اقره دستور عام 1958 من حق المرأة في المشاركة العامة والتمتع بالحقوق السياسية، لكن الواقع يقول ان حقوق المرأة مهدورة ليس فقط في الشارع والجامعات ودوائر الدولة وإنما في وزارة المرأة ذاتها التي طاب لها يوما أن تصدر قرارا بمنع الموظفات من لبس قميص نصف ردن وأرادت أن تعمم هذه التجربة العظيمة فطالبت من موظفات ينتمين إلى منظمة دولية بالتزام بالقرار، هكذا تصر الوزيرة ان تدفع بنا إلى عقود من التخلف والانعزال. وأيا كان المبرر لما حصل في قرار الزي الحكومي وما رافقه من اجراءات تعسفية تقوم بها بعض المؤسسات فإن ما يجري لا يخرج عن المخطط الهادف إلى العمل على أن تعود المرأة لتصبح مواطنة من الدرجة الثانية. مثير السخرية أن تخرج علينا وزارة المرأة لتضع مبررات لقرار ساذج، بدلا من ان تسعى إلى حماية المرأة والدفاع عن حقوقها وتوفير فرص عمل لها مساوية لفرص الرجال ورعاية الأرامل واليتامى، وان تصر على تثقيف النسوة حول مضار لبس الكعب العالي والتنورة لأنها بدع لا تنتمي لثقافتنا، انظروا كيف وصل الاستخفاف بعقول الناس إلى هذه الدرجة! دشن "القائد الضرورة " حملته الايمانية بقطع رؤوس النساء بالسيوف، واليوم نجد من يقطع أجساد النساء بالفؤوس ، ومن يسعى جاهدا لإقصائهن عن المشاركة في بناء المجتمع. ما يقال عن وزارة المرأة وقراراتها العجيبة يكفي لملء مجلدات بالحبر الأسود، ومن ثم فإن الإصرار على هذه القرارات الكوميدية مسألة مثيرة للاستفزاز. الدكتورة ابتهال.. المراة العراقية تستحق اليوم ان تدخل المجتمع بوزنها الحقيقي مرفوعة الرأس لا خائفة تطاردها لعنة قوانين "لبس المزركش والأحذية الخفيفة".
العمود الثامن :وزيرة المرأة تعلن الحرب على النساء
نشر في: 22 يناير, 2012: 10:42 م