محمد عبد الأمير عبد من بين الأسئلة الكثيرة التي علينا أن نجيب عليها هل نحن صُناع طغاة؟ وهل نمتلك القدرة على تجاوز القيود التي تحيط بنا لكي نتجاوز مهنتنا التي توارثناها منذ قرون طويلة وهي مهنة العبودية للآخر والطاعة العمياء له؟
تبدو هذه الأسئلة حاضرة في أذهان البعض وغائبة عن البعض الآخر، وحضورها هنا وغيابها هناك لا يعني إنها خارج الحسابات ومحطة مجهولة،بل علينا أن نتوقف أمامها ونجعلها أحد أعمدة التقويم الصحيح بدل أن نرمي بها على شماعة الوهم نفسه.والبعض منا بعد التغيير الذي حصل عام 2003 بزوال الدكتاتورية والسعي لتأسيس نظام ديمقراطي، حاول البعض منا أن يرسم صورة جديدة لواقع سياسي عراقي ربما كان من الصعب تخيل الديمقراطية وشكلها في بداية الأمر لدرجة إن البعض حاول تكفير الديمقراطية وجعلها من المحرمات خاصة وإنها جاءت من الخارج مفروضة على حد زعم البعض، ورغم هذا فإنها كانت خياراً للأغلبية من أبناء الشعب الذين وجدوا أنفسهم رغم كل شيء يتدافعون من اجل حبر الديمقراطية البنفسجي الذي أصبح عنوان الديمقراطية في العراق.كان البعض يتمنى أن يجد ما يشاهده في ديمقراطيات العالم الذي نراها، نجد حكومة تقابلها حكومة ظل أو معارضة، لكن الديمقراطية العراقية ظلت تسير بقدم واحدة فقط، ونتائجها لم تكن قد أنضجت بعد مفهوم الديمقراطية الذي نعرفه ويعرفه الجميع، لم تكن ديمقراطيتنا سوى سلطة،والديمقراطية عندما تتحول إلى سلم للوصول للسلطة تفقد الكثير من خواصها وبريقها بل وتفقد حتى حروفها وتتحول لمفهوم آخر لا ينتمي للديمقراطية، بقدر ما ينتمي لمفاهيم السلطة نفسها.لهذا لم تكن الديمقراطية العراقية ديمقراطية صناديق ومخرجات ناخبين بقدر ما كانت آلية لابد منها لتقاسم السلطة بين أطراف عدة.لهذا كانت مسيرة الديمقراطية في البلد تتعثر دائماً وتصطدم برغبات الآخرين من الذين لم يقتنعوا بالقسمة ويجدون بأن ثمة أشياء أخرى بحاجة لأن يتقاسمونها،وهذا ما جعلنا نعيش فراغات كثيرة لعل أخطر هذه الفراغات هو فراغ الهوية التي يحاربنا البعض فيها،حرب الهوية قد تكون خفية لكنها الأكثر خطورة على الجميع بما فيهم صُناع هذه الحرب وحمالي حطبها.وإذا ما نظرنا لمخرجات العملية السياسية في العراق حتى الآن سنجد بأنها الأكثر إستقراراً لأنها تسير وفق الخطة المرسومة لها بتقسيم الشعب العراقي ومن ثم تقسيم المُقسم نفسه على نفسه، من يتذكر منا بعد تهاوي الدكتاتورية تم تقسيم الشعب العراقي لعرب سُنة، وعرب شيعة وأكراد وتأسس وفق هذا التقسيم مجلس الحكم، جاءت انتخابات 2005 لتكرس ما حدث، وفي إنتخابات 2010 تجاوز الشعب الطائفية لكنها بقيت نهجاً للقوى السياسية التي لا يمكن لها أن تجد كراسيها إلا من خلال الطائفة، وما بين عام 2003 وحتى يومنا هذا سارت الديمقراطية العراقية بقدم واحدة، وقطبية واحدة هي قطبية السلطة وغابت المعارضة أو حكومة الظل.إذن نحن كشعب عراقي مستهدف بهويته، وهذا الاستهداف لم يكن خارجياً بل هو من داخل العراق ومن قوى عراقية قضت أغلبها عقود من الزمن في بلدان خارجية، وتعرف جيداً بأن إدارة العراق تتطلب تفكيك المجتمع بغية السيطرة عليه، وما نسمعه اليوم من خلافات بين بعض هذه القوى ما هو إلا مشهد من مشاهد التقسيم للمجتمع وليس أزمة كما يسميها البعض، خاصة وإن نتائجها لن تلحق ضرراً بأي طرف من أطراف العملية السياسية بقدر ما إنها ستلحق الضرر الأكبر بالمواطن العراقي الذي يدفع فاتورة باهضة جداً لتهافت البعض على السلطة.لماذا هذا التهافت على السلطة؟ هل هو شعور بتقديم الخدمة للمواطن؟ أم حب الاستحواذ على السلطة؟ بكل تأكيد هو حب الاستحواذ خاصة وإن السنوات الماضية من الديمقراطية أثبتت بأن هنالك فساداً كبيراً جداً أفقد الشعب عشرات المليارات من الدولارات التي لو صرفت في مجالاتها الحقيقية لبات العراق اليوم في حال آخر.
لمــاذا التهافت على السلطة؟
نشر في: 23 يناير, 2012: 07:53 م