وديع غزوان قد يكون ما جاء في تقرير منظمة هيومان رايتس بعض التجني والمبالغة كما أشار إلى ذلك مستشار رئيس الوزراء الإعلامي علي الموسوي ، إلا انه لايخلو من حقائق كثيرة بعضها عشنا تفاصيله خاصة ما يتعلق بالتعامل اللاديمقراطي واللاإنساني مع متظاهري ساحة التحرير ، وانتهاكات حقوق الإنسان التي تمارس ضد معتقلين أبرياء وغيرها . ولايجدي شيئاً التغاضي عما تورده مثل تلك التقارير من معلومات
ولا يعني الاعتراف بها انتقاصاً لأحد ، فحيث ما عشش المفسدون تفاقمت ظواهر خطيرة من هذا النوع . وأنا بصراحة من الداعين إلى إشاعة قيم التسامح والمحبة وضرورة الاستفادة من تجارب العمل السياسية السابقة ولو كان بيدي لعممت موضوع الأستاذ ياسين النصير المنشور في المدى تحت عنوان " حزن الثقافة المرير"غير أني من جانب آخر مقتنع ومؤمن بأن احد أسباب آفة الفساد وانتهاكات حقوق الإنسان التي تجري في المعتقلات والتعامل الوحشي مع الأبرياء لانتزاع الاعترافات ، يعود إلى تبوُّء عناصر معروفة بفسادها وعدوانيتها مواقع مهمة في أجهزة الدولة . وبصراحة إنني كلما قرأت تقريراً عن المفسدين أو ممن يتجاوز حدود صلاحياته في الأجهزة الأمنية ، أتذكر حادثة اعتقالي في التسعينات مع أولادي بسبب دعوى كيدية من جار سيىء يعمل في وزارة الصحة وكان من ضمن فريق العمل الذي أوفد إلى الكويت لجرد موجدات الوزارة المماثلة فسولت نفسه المريضة سرقت مال غيره من الكويتيين . غير انه لم يفرح كثيراً فقد سلط الله عليه سرّاقاً محترفين فلم يمر شهران إلا وتعرضت داره للسرقة ، وفي إحدى المرات لم يجد غير حارس دار لم يكتمل تشييده بعد لاتهامه بسرقته ، ولأننا استهجنا تصرفه بحق هذا الشاب البسيط وعائلته وهم من أهل الناصرية ، فإنه استغل قرابة زوجته بوكيل وزير الداخلية ومحافظ بغداد آنذاك ، كما صرف الكثير من المال كرشاوى لضباط مكتب المكافحة ، وأقام دعوى بدأها بأحد أولادي وختمها بي وبابني الآخر وزوجتي وقال شامتاً " تدافعون عن الشروكي " . لم تنفع شيئاً صفتي الصحفية ولا علاقتي بأقارب هذا الجار السيىء ولولا ما كان يجمعني من روابط مع احد زملاء المهنة " أبو مروة " جزاه الله خيراً الذي تربطه علاقات عمل مع وزارة الداخلية لبقيت أشهرا في سجون المكافحة الذين يتفنون في تعذيب الناس بل كانوا يقضون سهراتهم الليلية أثناء خفاراتهم وهم يخرجون المعتقلين بالتناوب ويأمرون عناصرهم بتعليقهم بالمراوح السقفية . الأنكى والأشد ألما أن مدير المكتب كان يترقى ويمنح " التكريمات " لشهرته في تعذيب المعتقلين وانتزاع الاعترافات منهم . المهم ربما حسن حظ الحارس المسكين أن أدخل المعتقل لأرحّل إلى سجن تسفيرات الكرخ لأعرض بعد وساطات عديدة على قاضي التحقيق الذي اقتنع ببراءتي وإطلاق سراحي ،وهنا قلت له إن هنالك شاباً مسكيناً بنفس التهمة وهو قابع في التسفيرات منذ أكثر من ثلاثة أشهر ، فأرسل القاضي فوراً على أوراقه وأطلق سراحه معي . القصة طويلة ،غير أن النتيجة التي أريد أن أصل إليها إن جاري السارق ومدير مكتب المكافحة الظالم ، ولأنهما غير مشمولين بالاجتثاث ، احتلا مواقع مؤثّرة في وزارتي الداخلية والصحة ، ولكم أن تتصوروا ما يمكن أن يعملاه !.. مثل هذين موجود ومتنفّذ في حين إن غيرهم من المتضررين لايجدون لقمة خبز ، فأي عدالة وأي ديمقراطية وأين هي حقوق الإنسان من كل ذلك ؟!
كردستانيات : حقوق الإنسان وأوراق من الماضي
نشر في: 23 يناير, 2012: 07:59 م