اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > ينابيع (الشهادة) العراقية مسرحياً

ينابيع (الشهادة) العراقية مسرحياً

نشر في: 24 يناير, 2012: 07:07 م

د. محمد حسين حبيب   تواصل جمهور المسرح في محافظة بابل العراقية ولمدة ثلاثة أيام مع فعاليات (مهرجان ينابيع الشهادة المسرحي الأول)، الذي أقامته نقابة الفنانين في بابل للمدة من 18 – 20 / كانون الثاني 2012م، تضمّّن سبعة عروض مسرحية ومعرضا تشكيليا ومحورا للبحوث والدراسات المسرحية، فضلا عن الجلسات النقدية اليومية وصولا لحفل ختام المهرجان وفرز الأفضل من الأعمال والفنانين المشاركين .
   لم يقتصر مفهوم (الشهادة) الذي تناولته عروض المهرجان المسرحية على شخصية تاريخية واحدة لكن الأبرز كانت شخصية الإمام الحسين (عليه السلام) وواقعة الطف الشهيرة بوصفها ابرز حدث تاريخي مأساوي وجد له المقاربة الدرامية المتجانسة مع تسلسلات البناء الدرامي المتداولة ، ولان هذه الواقعة التاريخية قد تم استثمارها ، لا من قبل الكاتب المسرحي حسب، بل نجدها استثمرت في اللوحة التشكيلية والفيلم السينمي والأدب الروائي والقصصي وقبل ذلك في القصيدة الشعرية القديمة والحديثة ، لكن وبرغم المدة التي تجاوزت المئة عام على دخول الفن المسرحي عالمنا العربي لكن لا نقبض إلا على عدد قليل جدا من المسرحيات العربية التي استثمرت واقعة الطف دراميا التي لا تتجاوز العشرين مسرحية فقط، وهذا لا يتناسب ابدا وعمر الواقعة الذي تجاوز الألف وأربعمائة سنة تقريبا . هذا جزء من محطات بحثية أخرى تناولها المشاركون في المحور البحثي وهم : الناقد (د. ياسر البراك) في ورقته ( مسرحة عاشوراء بين النظري والتطبيقي ) والناقد (د. محمد حسين حبيب) في ورقته الموسومة ( تأملات في الذاكرة النصية ) وورقة الناقد (عبد علي حسن) بعنوان (التعازي بين الشعائرية والتمسرح)، أدار الجلسة الفنان (غالب العميدي).   أولى هذه المسرحيات التي قدمت في هذا المهرجان عنوانها (رسل الشهادة) تأليف وإخراج الفنان ( زهير المطيري )، وقد سعى العرض الى إيجاد وشائج علاقة ما بين ساعي بريد حياتنا المعاصرة وساعي بريد استحضره من التاريخ وهو (سليمان رسول الحسين ع) إلى ولاية البصرة ، ولقد نجح العرض في المقارنة بين الشخصيتين وما تعرضتا له من التعذيب والقهر والاستلاب، نتيجة مواقفهما الثابتة والمستندة الى العقيدة والإيمان، ولذا أتت نهايتهما واحدة وهي الموت أو الشهادة في سبيل الموقف والدين ورفع راية الحق عاليا. والمسرحية الثانية (يا أبا صالح) إعداد وإخراج الفنان (رحيم مهدي)، تقديم مديرية النشاط المدرسي بابل ، فقد تميزت بقدرتها التعبيرية أدائيا وتوظيف المجموعة لهدف موحد ومتجانس وجلهم من الشباب الذي يدشن خشبة المسرح للمرة الأولى، فضلا عن ان المخرج قد قسم فضاء عرضه الى مستويات جغرافية كانت السبب وراء تصعيده الجمالي بتوافق الملفوظات الحوارية مع المنظومة الضوئية والسمعية، مبرزا كفتي الصراع ومعلنا صبر المنتظرين وفوزهم المستقبلي بمنقذهم ولو بعد حين .   أما المسرحية الثالثة فكانت مسرحية صامتة بعنوان (يد الحق)، فكرة وإخراج الفنان الشاب (فرزدق صبري)، اعتمدت على التعبير الإيمائي ولغة الجسد في بث المدلولات المحملة بالمعاني التي أرادها العرض، بمصاحبة المؤثر الصوتي والموسيقي وتفعيل لغة الضوء والقطع المنظرية إلى جانب ملحقات اكسسوارية بسيطة سعت إلى بوحها الدلالي باللون مرة وبالتوظيف الحركي مرة أخرى، كاشفة لنا الصراع عبر متناقضات اللون والزي المسرحي.    رابع مسرحية هي (مسلم بن عقيل) تأليف تومان غازي وإخراج بشير الحجي، تقديم كلية الفنون الجميلة/ جامعة بابل، ولقد حاولت الكشف عن جهادية بن عقيل رسول الحسين (ع) إلى الكوفة، وما تعرض له من مجابهات صارمة وقاسية أودت باستشهاده أيضا .. وجاءت المسرحية الخامسة بعنوان (الحسين والمسد) أعدّّها وأخرجها الفنان (ثائر هادي جباره)، مستندا في مصادر إعداده الى القصيدة الشعرية والمقولات المأثورة والأخبار الصحفية المفعمة بالحدث اليومي المأساوي العراقي كالانفجارات الإرهابية وموت الأبرياء والجثث المحروقة التي تحمل على عربات الباعة المتجولين.. وقد كشف فضاء العرض عن مجموعة جدران متداخلة يتراقص بينها بهلوان ساخر ولعوب وكأنه يمتلك مفاتيح وخبايا كل هذا الخراب والدمار والقبح اليومي الذي أكل الأخضر من أعمارنا ، والأخضر من أحلامنا ، وسيأكل لاحقا الأخضر المتبقي في حدقات عيون أطفالنا.. طالما تتوسطنا (الازدواجية) بسخفها وابتذالها التي من شأنها توسعة الشعور بالإحباط المضني والألم الأبدي .. نجح العرض في كل هذا البوح .   

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram