TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > قواسم مشتركة في المسرح العربي

قواسم مشتركة في المسرح العربي

نشر في: 24 يناير, 2012: 07:08 م

د.سامي عبد الحميدليس في مسرحنا وحسب يقوم المخرجون الجدد بمحاكاة معالجات مخرجين وباستخدام تقنيات سبق وان استخدمها آخرون قبلهم مما يدل على شحذ في الخيال وقصور في الرؤى وضيق في المعرفة وعجز عن الابتكار ، فأن هذه الظاهرة تسري في مسارح عربية أخرى.
ومن خلال مشاهداتي لعدد من العروض المسرحية المشاركة في المهرجانات العربية ، وآخرها مهرجان أيام قرطاج بتونس، رصدت عددا من القواسم التي تشترك فيها تلك العروض وبما يخص التقنيات والملامح الإخراجية ونذكرها كما يأتي:أولا- تبدأ معظم العروض هذه الأيام بمشاهد صامتة يظهر فيها الممثلون وهم يعبرون بصمت عن فكرة ما أوعز بها المخرج سواء ظلوا واقفين في أماكنهم ام راحوا يتحركون عبر الصالة وعلى خشبة المسرح وتدوم تلك المشاهد الصامتة لأكثر من عشر دقائق في بداية العرض أو قد تحدث بين هذا المشهد أو ذاك.هذا ما شاهدناه في مسرحية (يحيى يعيش) الفاضل الجعايبي من تونس، وفي مسرحية (آخر الساعة) لعز الدين قنون من تونس أيضا، وتحدث فيها عن تشظي الذات الإنسانية . وحدث ذلك أيضا في مسرحيتين لحافظ خليفة من تونس هما (جوانح المحبة) و( طواسين) وفي الأول جمع المخرج قرارات من كتاب (طوق الحمامة) لابن جزم الأندلسي ، ومن كتاب (الحب) لستاندال ومن نماذج للحب بين البشر . وفي المسرحية الثانية افترض دولة يحكمها أربع شخصيات عربية إسلامية متمردة هم ( الحلاج وابن عربي والسهروردي وحمدان قرمط) ويعرض لكيفية تصرفهم مع الرعية ناقدا لحطام هذا الزمن.ثانيا- استخدمت اغلب المسرحيات الدخان الاصطناعي سواء بتبرير فني أم من غير تبرير. وكان هذا المخرج أو ذاك يتباهى باستخدام تلك التقنية أول مرة من غير أن يعرف أن هناك من استخدمها قبله وبطريقة أفضل ربما. وقد استخدمها بعض المخرجين العراقيين أيضا.ثالثا- حشر حركات جسمانية تقترب من الرقص سواء بمرافقة المشاهد المنطوقة أم بينها اعتقادا من الذي يستخدمها انه يسير مع تيار الحداثة أو تيار ما بعد الحداثة. أو على افتراض تغليب التعبير بالجسد على التعبير بالصوت باعتبار الأول أكثر بلاغة ويرقى إلى اللغة العالمية (لغة الجسد) .شاهدت ذلك في اغلب عروض مهرجان دمشق ومهرجان تونس وقد انتقلت عداوة إلى المسرح العراقي حيث نقلها المغترب (طلعت السماوي) وقلده في ذلك المغترب أيضا (علي طالب) وواصله (انس عبد الصمد) و(محمد مؤيد) وسموه (الرقص الدرامي)، مع ملاحظتي أن من يمارس هذا النوع من العروض يضطر إلى تكرار الحركات وتصاميمها (كيريوغراف). واعتقد البعض من المسرحيين وخصوصا الشباب منهم، أن المسرح الجديد هو هذا الذي يعتمد على مثل تلك الحركات من غير أن يعرفوا أن هذا النوع من العروض يقع في هامش المسرح.رابعا- استخدام الكلام المسجل والمذاع عبر مكبرات الصوت وذلك إما تعليقا على الإحداث او تفسيرا أو ربطا للمشاهد ، وان دل ذلك على شيء فإنما يدل على قصور في التعبير ، وضعف في التفسير البصري.خامسا- استخدام الموسيقى التصويرية عالية الشدة الصوتية والمفزعة أحيانا وذلك بقصد الإثارة.سادسا- ظهر العديد من الممثلين حليقي شعور الرؤوس ولا ندري هل جاء ذلك بالمصادفة أم أنها مجرد (مودة)سابعا- مفاجأة المتفرجين بحركات سريعة متداخلة يقوم بها الممثلون وهم يعبرون المسرح يمينا ويسارا من غير توضيح لدلالاتها أو تبريرها في اغلب الأحيان وربما عبرت أحيانا عن الارتباك أو عن الفوضى.ثامنا- استخدام الإضاءة الخافتة التي لا تظهر وجوه الممثلين وتعابيرهم مع أن أولى مهمات الإضاءة المسرحية هي الإظهار الاختياري.ربما تكون القواسم المشتركة التي ذكرت سلفا من سمات مهرجانات المسرح العربي حيث لا يمكن أن نراها في مسارح العالم وفرقها المحترفة حيث يكون لكل حركة ولكل مفردة تعبيرية أو مفردة ديكورية ولكل تعبير صوتي وكلامي مبرر فني أو مبرر يفرضه منطق الحياة والواقع. لا بأس أن يحاكي المسرحي الجديد ما فعله المسرحي القديم ولكن البأس كل البأس في أن تكون تلك المحاكاة عمياء.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

بغداد/ المدى تنطلق فعاليات الدورة الخامسة من معرض العراق الدولي للكتاب، في الفترة (4 – 14 كانون الأول 2024)، على أرض معرض بغداد الدولي.المعرض السنوي الذي تنظمه مؤسسة (المدى) للإعلام والثقافة والفنون، تشارك فيه...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram