TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > في الحدث :المبادرة العربية والرفض السوري

في الحدث :المبادرة العربية والرفض السوري

نشر في: 24 يناير, 2012: 10:11 م

 حازم مبيضين لم يكن منتظراً غير أن ترفض دمشق المبادرة العربية الأخيرة لحل الأزمة السورية, والتي أتت متطابقة مع المبادرة الخليجية تجاه الثورة اليمنية, وأن تعتبر الحكومة السورية أن المبادرة وهي تستنجد بمجلس الأمن الدولي, تأتي خارج إطار خطة العمل العربية والبروتوكول الموقع مع الجامعة,
وأن تعدها انتهاكاً لسيادتها الوطنية, وتدخلاً سافراً في شؤونها الداخلية, وخرقاً فاضحاً للأهداف التي أنشئت الجامعة العربية من أجلها, وللمادة الثامنة من ميثاقها, على الرغم من أن السلطات السورية أعلنت أنها طبقت العديد من بنود المبادرة, من قبيل الإفراج عن المعتقلين, وإخلاء المدن والأحياء السكنية من جميع المظاهر المسلحة, وفتح المجال أمام منظمات الجامعة ووسائل الإعلام العربية والدولية للتنقل بحرية, والاطلاع على حقيقة الأوضاع, ورصد ما يدور من أحداث.الجامعة العربية لم تكتف بعرض مبادرتها على دمشق, وإنما طلبت تأييد مجلس الأمن لقراراتها, وبما يتجاوز بعثة المراقبين, ويطالب المجلس بدراسة الخطة العربية بكاملها, لاتخاذ قرار قوي من المنظمة الدولية, يكون بمثابة رسالة واضحة إلى النظام والشعب السوري في آن معاً، ويلاحظ في التحرك الدولي أن تعديلاً طرأ على الموقف الروسي, بإعلان الكرملين إن روسيا لا يمكنها عمل المزيد للرئيس الأسد, وأنه لم يعد في جعبتها شيء على الصعيد الدبلوماسي, وأنه ينبغي على الأسد المبادرة فوراً بتنفيذ جملة من الإصلاحات, وإنهاء العنف وإجراء انتخابات حرة, وإعلان ألمانيا أن المبادرة العربية الجديدة تشكل تغيرا في قواعد اللعبة بالنسبة لمجلس الأمن الدولي.النظام السوري برفضه المبادرة العربية يؤكد عدم جديته في أي معالجة حقيقية للأزمة التي تعيشها البلاد منذ عشرة أشهر، وبما يعني أنه سيمضى في الحل الأمني, رافضاً بحكم تركيبته إحداث تحول في الحياة السياسية، وبما يعني أيضاً أن السوريين سيمرون بمزيد من المعاناة, قبل أن يقتنع النظام بإحداث التحول المنشود, وعلى قاعدة أن دمشق فهمت المبادرة على أنها محاولة لإحداث انقلاب من داخل النظام على نفسه, وبمعنى أن يذهب الرئيس ويحافظ النظام على قواعده الأمنية والعسكرية والسياسية،  غير أن رفض دمشق المتسرع يؤشر إلى ثقتها بأن ما جرى يمر اليوم بمراحله الأخيرة, وأنها ما تزال قادرة على دحر المؤامرة والمتآمرين.وإذا كانت جماعة الاخوان المسلمين السورية رحبت بالمبادرة, واعتبرتها جدية وتستحق الدراسة, وهي انتقال بالموقف العربي من دوامة التسويف إلى محاولة التطوير الجاد والملتزم، وتنم عن شعور بالمسؤولية, فإن معارضة الداخل ممثلة بلجان التنسيق المحلية, اعتبرتها مهلةً جديدةً للنظام, وفرصة أخرى تتيح له مجدداً الوقت والغطاء في مسعاه الى وأد الثورة, فان ذلك يؤشر إلى حجم الأزمة التي تعيشها المعارضة بقدر ما يعيشها النظام, وذلك مؤشر سلبي قد يدفع بمعارضي بقاء الأسد رئيساً من غير السوريين ( بعض العرب والمجتمع الدولي ) إلى النأي بنفسهم بعيداً عن تعقيدات الموقف في سوريا وهو موقف معقد أصلاً بدون هذه الخلافات.لو كان النظام السوري جاداً في البحث عن حل إيجابي للأزمة, لقبل بالمبادرة العربية الهادفة للحفاظ على سوريا دون الحفاظ على نظامها بشكله الراهن, لكن ذلك النظام يماهي بين شرعيته واستمراره وبين أمن سوريا وأمان شعبها, وهو مستعد للمضي في المواجهة حتى النهاية رافضاً أي تدخل عربي, رغم أنه اشتهر بالتدخل في الشؤون الداخلية لأكثر من قطر عربي وأكثر من مرة, وتجربته في لبنان والعراق والثورة الفلسطينية ما تزال ماثلةً للعيان, وبما يعني في آخر الأمر أنه يترك الأزمة الطاحنة في بلاد الشام مفتوحة على كل الاحتمالات, بما فيها التدخل الدولي, أو التقسيم بعد حرب أهلية لم تعد بعيدةً, إن استمرت الأمور على هذا المنوال.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

قتل مفرزة إرهابية بضربة جوية بين حدود صلاح الدين وكركوك

الامم المتحدة: إخراج سكان غزة من أرضهم تطهير عرقي

الطيران العراقي يقصف أهدافا لداعش قرب داقوق في كركوك

"إسرائيل" تستعد لإطلاق سراح عناصر من حزب الله مقابل تحرير مختطفة في العراق

حالة جوية ممطرة في طريقها إلى العراق

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram