TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > شط العرب.. الرمزية والواقع المتردّي!

شط العرب.. الرمزية والواقع المتردّي!

نشر في: 25 يناير, 2012: 07:15 م

د. حسن الجنابي 2- 2 سدّ على شط العرب؟ تطلق تصريحات ومطالبات كثيرة، حتى على مستوى أعضاء في مجلس النواب العراقي، عن ضرورة بناء سد على شط العرب وذلك لمنع تسرب المياه العراقية إلى الخليج ولمنع صعود مياه البحر المالحة شمالا.لاشك في أن هذه الفكرة لا تخلو من براءة،
إلا أنها غير واقعية بل ومضرّة. فلا يمكن بناء سد لتخزين المياه على شط العرب على شاكلة سدود دوكان ودربندخان وحديثة والموصل لأن شط العرب يقع في ارض مستوية. ولكن يمكن إنشاء سدّة على غرار سدّة الهندية أو سدة سامراء أو الكوت وغيرها،وهذه تستخدم لرفع مناسيب المياه بغرض استخدامها سيحا في الري بدون الحاجة إلى الضخ الذي هو مكلف حتى في ظل توفر طاقة كهربائية اعتيادية. ستكون السدّة في حال إنشائها عديمة الفائدة بسبب قلة أو انعدام الإيرادات المائية من الجانب العراقي، وبالتالي عدم وجود مياه عذبة كافية للاحتفاظ بها ومنع تسربها إلى الخليج. فالمعروف أن أغلب مياه شط العرب حتى وقت متأخر كانت تأتي من نهر الكارون أساسا (أكثر من 15 مليار متر مكعب كمعدل سنويا) والكرخة (أكثر من 5 مليارات متر مكعب سنويا كمعدل)، وبما أن إيران أكملت سيطرتها على مياه نهري الكارون والكرخة وتحويلها للاستخدام داخل الحدود الإيرانية، فلا أمل يرتجى في تحسين نوعية مياه شط العرب في ظل انحسار مياه الفرات وفي انتظار اكتمال تشييد سد أليسو التركي على دجلة. من الجدير ذكره هو إن وزارة الموارد المائية شرعت بتنفيذ قناة أروائية بموازاة شط العرب استجابة للواقع الجديد المتمثل بملوحة شط العرب، وذلك لنقل ما مقداره 30 مترا مكعبا في الثانية من مياه الري للأراضي الزراعية التي كانت تسقى من مياه شط العرب العذبة، في محاولة لمساعدة السكان على ممارسة نشاطهم الزراعي.القانون الدولي للمياه وشط العرب:إن شط العرب هو مجرى مائي دولي، وان النظر في مديات انطباق القانون الدولي عليه أمر واقعي ومفيد، خاصة من حيث إدارة المياه المغذية له، لأن كسب الجدل والفوز بالحجة استنادا إلى القانون الدولي هو انتصار بحد ذاته حتى لو بقي في إطاره المعنوي أو الأخلاقي أو السياسي، ولكن هناك إشكاليات يجب التمعن بها بغرض فهمها من قبل من يتصدى لهذه المعالجة وأهمها باختصار شديد ما يأتي:1. إن القانون الدولي للمياه ليس حلا سحريا أو فوريا لمشكلة شط العرب، او أية مشكلات ونزاعات مائية بين الدول، بل هو إطار عام للمبادئ والأسس التي تعتمدها المجموعة الدولية لحل تلك المنازعات، وبذلك فإن للقانون الدولي للمياه تأثير أخلاقي وقانوني كبير في أي نزاع مائي دولي يطرح على محكمة العدل الدولية في لاهاي، وإن حل أية مشكلة مائية مشتركة بين أكثر من دولة يتم حصرا بين الدول نفسها، ولا يمكن للقانون الدولي فرض حلٍّ معين على الأطراف.2. إن وجود اتفاقية ثنائية بين دولتين (أو اتفاقية ثلاثية أو رباعية... الخ بين مجموعة من الدول المعنية) يجمّد من الناحية العملية -إن لم يلغ- مفعول القانون الدولي إلا إذا حدثت أضرار كبيرة أو تهددت مناطق ومجاميع بشرية بمخاطر كبرى. وفي حالة شط العرب فإن للعراق اتفاقية ثنائية مع إيران منذ عام 1975، بالرغم من رغبة العراق التي عبر عنها رئيس الجمهورية العراقية في وقت سابق بمراجعتها، وكذلك هناك أضرار كبيرة حدثت وتحدث في بيئة شط العرب وإن العراق بحاجة إلى مسحها وحصرها وتقييمها بشكل تفصيلي.3. لاتوجد آلية أو أجهزة معينة أو شرطة دولية لتطبيق القانون الدولي للمياه مهما كان حجم الخروقات أو سوء الاستغلال من قبل طرف من الأطراف المتشاطئة، على عكس قوانين المياه الوطنية، حيث تسهر أجهزة الشرطة المحلية والمحاكم على تطبيقها مثلا.4. في الوقت الذي لايشك فيه احد من أن الفرات ودجلة نهران دوليان، فإن دولية نهري الكرخة والكارون قد تكون موضع نقاش وبحاجة إلى  جهد قانوني وفني يتناسب مع أهمية هذين النهرين للنظام المائي في المنطقة عموما وخاصة لشط العرب.فلو أخذنا نهر الكارون مثالا، وهو لايختلف بالنتيجة عن نهر الكرخة، لنرى مدى انطباق القانون الدولي عليه أو لكشف أهم التعقيدات المرتبطة بذلك - في ضوء الفقرة الرابعة أعلاه- فسنجد أن اتفاقية قانون استخدام المجاري المائية الدولية 1997، وهي أهم وثيقة في القانون الدولي للمياه، تعرّف النهر الدولي على انه: "أي مجرى مائي تقع أجزاؤه في دول مختلفة". وبما أن نهر الكارون يقع جغرافيا داخل الأراضي الإيرانية من المنبع حتى المصب فيبدو حسب التعريف المجرد وكأنه نهر محلي وليس نهرا دوليا. ولكن الوجه الآخر لهذا الجدل هو أن لكل نهر خصائصه المميزة النابعة من ارتباطه بالبيئة الاجتماعية والاقتصادية والجغرافية والثقافية وما يناسب ذلك من أنماط إنتاجية وأنشطة وتجمعات بشرية وغيرها. وبذلك فإن النهر هو ليس فقط المسافة الجغرافية المحددة بين المنبع والمصب بل ماحولهما وما بعد نقطة المصب كذلك. فمياه الكارون لاتتلاشى عن نقطة المصب وإن كانت داخل الحدود الإيرانية، بل إنها تغذي شط العرب الذي هو نهر دولي ويقع ضمن منطقة تتأثر بالمد البحري وهي ظاهرة طبيعية ملازمة للخليج ولايتحكم بها أي طرف، وهذا المد البحري يدفع مياه الكارون مباشرة داخل الحدود العرا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram