هاشم العقابي قبل أيام، حضرت لقاء، نظمته ممثلية العراق لدى الجامعة العربية بالقاهرة، جمع عددا من المثقفين والإعلاميين العراقيين والعرب بوفد من المسرحيين العراقيين الذين اشتركوا في ملتقى مسرحي مع أقرانهم المصريين. اللقاء جاء بمبادرة من الدكتور قيس العزاوي ممثل العراق لدى الجامعة. ومن باب الإنصاف، لا غير، يتحتم علي ان اشير هنا الى ان الدكتور العزاوي بذل جهدا استثنائيا لمزج النشاط الثقافي بالعمل الدبلوماسي لمحو تلك الصورة السلبية عن واقع علاقة المثقف العراقي بالسلطة،
التي اسهم النظام السابق برسم الكثير منها في اذهان بعض من المثقفين العرب وغير العرب. ولقد اثمر جهده في تأسيس "الصالون الثقافي العربي" المعطر بنكهة عراقية استقطبت كثيرا من الشخصيات الثقافية المهمة.لم يخل اللقاء من صراحة وجرأة تقبلهما القليل وامتعض منهما الكثير. ولا اظن اني بحاجة للإفصاح عن ان اكثر الممتعضين كانوا عراقيين. فالعراقي، خاصة المثقف أو الفنان، ما زال يعتبر ان نتاجه مقدسا. واذا ما ورطت نفسك وانتقدت نتاجه، مثلما فعلت أنا، فانه سيغضب، هذا اذا لم يحقد، ويعتبرك قد طعنته في شرفه أو مسست عرضه. وهكذا حل بي حين طرحت بكل تواضع رأيا بالعروض المسرحية يقول انها كانت هابطة ودون المستوى المرجو منها. وبرغم اني اوضحت باني لست متخصصا بالنقد المسرحي، وان الرأي كان قد افصح لي عنه اكثر من مسرحي عراقي لهم تاريخهم الجيد في العطاء والنقد المسرحيين، لكن الهجوم جاءني من كل حدب وصوب. صحت: يا قوم مهلا، فحتى ان كان ما قيل لي كفرا، فان ناقل الكفر ليس بكافر. وتعال يا عمي شيلني. همس باذني مسرحي عراقي له تاريخ طويل بالمسرح، وكان من بين الذين تم تكريمهم ضمن فعاليات الملتقى: بيش ابلشت يا بو بشت؟ لم تكن "بلشة" بل تحولت الى "طلابة". كانت اول من رفعت راية "الطلابة" بوجهي ممثلة عراقية من مدينة الحلة، ترتدي حجابا انيقا، حيث اعتبرت قولي اهانة للعراق ولتاريخه!! اجبتها بهدوء ان هبوط المسرح بالعراق امر طبيعي نتيجة لسنوات القهر والظلم والحروب والحصار ثم الاحتلال والمفخخات والكواتم. وهذه عوامل لو تنزلينها على جبل، وليس على الفن، لصار حصوة. ردت: ما اسمحلك! فلا هبوط بالعراق نهائيا بل نحن في صعود وتألق دائمين. قلت لها: لكن هناك شبه اتفاق على ان الفن مترد في بلدنا وخذي الاغنية مثالا. وهنا كادت ان تجن لان الاغنية العراقية، برأيها، بخير وفي قمة تألقها. سألتها عن رأيها باغنية "كلبج ينطيج تعوفيني بتل بتل" و "الا اكسر خشمج" و "اصلخ اذبح واكتل" و "بسبس ميو ميو". لم تجب، بل سكتت. والسكوت قد يكون من الرضا أو لا يكون.كان من بين الموفدين، الذين امتعضوا أيضا، ممثل جاء من مدينة الديوانية، رد علي بنظرية "أفحمتني" حقا. زبدة نظريته هي ان بغداد تتحمل المسؤولية في كل ما حدث للفن من خراب ان كان هناك خراب. فهي التي همشت ابناء المحافظات من المسرحيين الكبار واستصغرتهم. ولولا فعلها "المشين" هذا لقلب ابناء المحافظات الدنيا بقدراتهم وطاقاتهم. بحثت عن اقرب باب يعينني على الخروج من هذه "الشدة" فخرجت، لكني سأعود لكم لأكمل حديثي.
سلاما ياعراق :بيش ابلشت يا بو بشت
نشر في: 25 يناير, 2012: 08:00 م