وديع غزوان ما زال موضوع هجرة العراقيين واختيارهم العيش في الغربة، يحتل مرتبة متقدمة بين دول العالم. ورغم الإحصائيات التي تشير إلى عودة أعداد غير قليلة منهم، فإنها ما زالت تعد ظاهرة، خاصة في بلد كالعراق يمتلك الثروات والإمكانات والفرص لجذب العديد من دول العالم للعمل فيه، غير انه على العكس فقد الملايين من أبنائه بعد 2003 ومن بينهم كفاءات طبية وعلمية نحن في أمسّ الحاجة إلى خدماتها.
ومن المفارقات، التي لم تعد تثير فينا العجب بعد كل الذي عشناه، أن نجد مسؤولين رفيعي المستوى في الحكومة ونواباً يفضلون لعوائلهم العيش في الخارج والاستفادة من جوازاتهم الدبلوماسية لتسهيل تهريب الأموال العراقية إلى الخارج والقيام باستثمارات هناك في وقت يتحدثون يومياً عن حب الوطن والدفاع عنه وهم يأخذون منه دون أن يعطونه شيئاً، كما أن المفارقة الأخرى أن تجد عمالاً من بنغلاديش يغزون سوق العمل في وقت يزداد فيه طابور العاطلين عن العمل من الشباب، ولهذا عدة أسباب من بينها انخفاض أجور العمالة الوافدة، ليس هذا موضوعنا الأساس هنا على أهميته، لكننا مررنا عليه لعلاقته بموضوعنا هذا. من المعروف طبعاً ان العنف وضعف الأمن والقانون كان احد ابرز اختيار البعض الغربة واصطفافهم في طوابير لأخذ موعد المقابلة مع المختص في منظمة شؤون اللاجئين في سوريا وعمان والانتظار الطويل والمذل لعطف دولة ترضى قبولهم لاجئين لديها، وهي غالباً ما تكون خارج رغبة الشخص او العائلة التي يجد أفرادها أنفسهم موزعين اضطراراً في أكثر من دولة، وفي أحيان قليلة يرفض البعض اللجوء ويختار العيش في الخليج او الأردن إذا كانوا ذوي اختصاص طبي أو علمي تحتاجه تلك الدول أو إذا كانوا من اصحاب الاموال والميسورين، غير أن الكل تقريباً تمر عليه أوقات عصيبة يتمنى فيها لو انه كبقية كخلق الله مستقراً في وطنه دون منة احد. وقد حدثني احد المعارف عن طبيب عراقي مشهور يعمل في الإمارات وكيف ان نسبة غير قليلة من ثمرة عمله وجهده يعطيها عن طيب خاطر لما يسمى بالمواطن الكفيل، وعن طبيبة أسنان اختارت العودة إلى بغداد بعد تحسن الوضع الامني، لكنها وبعد معاناة طويلة للموافقة إلى إعادة تعيينها تم تنسيبها في احد المراكز الصحية في مدينة الصدر في قاطع الرصافة في حين انها تسكن اقصى الكرخ فكانت تضطر للخروج منذ السادسة صباحاً، بعدها اضطرت للعودة الى دبي لتبحث مجدداً عن عمل هناك.. وفي عمان التقيت بعراقيين من مختلف الشرائح ممن يشكون أوضاعهم بالعراق منهم عمر الذي قال تم تهجيرنا واغتيال شقيقي وزوج أختي، ومع ذلك خالفت رغبة أهلي وخاصة والدتي ورفضت السفر وبقيت في بغداد ابحث عن فرصة عمل، لكنني لم اجدها، غير انها متوفرة نسبياً في الغربة. مثل هذه القصص كثيرة، ولا نعتقد ان احداً، مسؤولاً كان ام نائباً، لا يعرف بها غير أنهم ومع الأسف فشلوا في ايجاد معالجة شاملة تبدأ بتحقيق نوع من الاستقرار السياسي الذي لابد أن يتبعه استقرار امني. ومع تقديرنا لعمل وزارة الهجرة والمهجرين إلا أن وحدها لا تكفي حيث أن الموضوع متشعب ومعقد ويحتاج إلى معالجة تغطي كل جوانبه، لكي نحد منه على الأقل.
كردستانيات :شيء عن الهجرة
نشر في: 25 يناير, 2012: 08:18 م