سرمد الطائيمن الذي قام بتفجير مدرسة البنات في بغداد أمس الأول؟ حمايات نائب الرئيس كلهم في السجن. والوزير عامر الخزاعي تصالح مع آخر "فصائل المقاومة" كما يردد. ووزارة الدفاع تؤكد ان الجزء الذي لم يتصالح مع الخزاعي قد تلاشى واندثر كما اخبرني قائد كبير على الهواء مباشرة. ومع ذلك فالموت يتواصل.
من الذي فجر بغداد يوم الثلاثاء؟ سوريا غائصة في وحول "الربيع العربي" ومنشغلة بنفسها او هكذا يفترض، كما ان ربيعها الموحل يشغل جميع الدول العربية بمصير "التنسيقيات". اما إيران فهي صديقة عزيزة علينا وجنرالاتها يعتبروننا جزءا من ممتلكاتهم ولا داعي لان يقوموا بتفجيرنا. ومع ذلك فالعنف مستمر.وقد سألنا مسؤولا رفيعا قبل عامين: متى ينتهي العنف؟ فأجاب: وماذا في وسعي ان افعل لشخص يريد ان ينتحر ويقتل معه بضع عشرات من الاهالي؟ بل ان المسؤول يستشهد بالحالة الباكستانية قائلا ان اسلام اباد لديها افضل جهاز استخبارات في آسيا وهي دولة نووية لكنها تشهد تفجيرين او ثلاثة كل شهر يذهب ضحيتها العشرات قتلا وجرحا، فما بالك بالعراق.قلنا ان عوائد النفط تزايدت وان الدم يصبح اقل حين يصبح المال اكثر فالمسلحون وقادتهم انهمكوا بجني المكاسب وابرام الصفقات المالية واعادة صبغ الارصفة وتبليطها.. واستيراد المولدات لبلد لن تنصلح كهرباؤه.. ومع ذلك فالقتل يطل برأسه عدة مرات في الشهر، وعلينا ان نحدق في وجوه امهات يذرفن الدمع على اجيال من الراحلين. كأن آلهة الحرب قد قرعت كل الطبول لفجيعة أم واحدة.الذبح الغامض الذي نتعرض له يتواصل. وزعماؤنا ابطال في الحرب وفي السلام. فحين يموت منا مئة، يقولون: لو لم نكن بينكم لمات منكم ألف. الزعماء يحملون الأحياء، منة وفضل البقاء على قيد الحياة. اما حين "يطرأ" سلام نسبي او هش، فزعماؤنا أبطاله ايضا، يقومون بتذكيرنا كل ربع ساعة انهم صنعوا السلام ودشنوا الأمان.سائق التاكسي الذي اوصلني الى شارع الرشيد تحمل غرامة عدم لبس حزام الامان وقال للشرطي: لو كان الأمان حزاما للبسناه، وألبسناه للحكومة. آخر ما يخشاه سائق السيارة في بغداد، حوادث المرور، فهو قلق من عبوة هنا او مفخخة هناك.. او حزام.. ولكن ناسف، يشده مجنون على جسده.حكومتنا تفتش الشعب 5 مرات في اليوم وهي مستعدة لاعتقال الآلاف لو لزم الامر واشتبهت بهم. حتى انها اصبحت "صريحة جدا" لا تأخذها في الحق لومة لائم، ولا تخشى حتى تحذيرات العقلاء من حرب اهلية، فالمهم احقاق الحق والقاء القبض على المتهمين، وتوفير الامن للمواطنين. كما انها تنفق هذه السنة ضعف ميزانية الاردن على امن العراق، ومع ذلك فالتفخيخ لا ينقطع.حكومتنا غاضبة من اردوغان لأنه يحذر من وقوع حرب اهلية. الرجل يقول: دعونا نتنعم بشراكة البزنس. كل جيرانكم يبادلونكم الكراهية فتعالوا اعرض ان ابقى نافذتكم على الدنيا. لكن حكومتنا تقلب لوالي اسطنبول ظهر المجن وتتحدث عن استقلال وسيادة وهميين. اتجول في الاسواق المملوءة بملابس تركية فخمة هذا الشتاء، واتخيل الفيلد مارشال قاسم عطا وهو يصادر كل ما وقعت عليه عينه من بضاعة تركيا لأن الزعيم يرفض تدخلات اوغلو. زعماؤنا الذين كثرت اموالهم، صاروا يشترون الملابس من كالفن كلاين وايف سان لوران، ولا يعبؤون باختفاء الملابس التركية من متاجرنا، ويمكن للزعيم حينئذ ان يجبر رجالنا ونساءنا على ارتداء "دشداشة شاكر" دعما لمتطلبات الحشمة التي تنادي بها وزيرة المرأة. ومع ذلك فإن ذبحنا الغامض يتواصل!
عـالَـم آخــر: أمان"دشداشة" شاكر
نشر في: 25 يناير, 2012: 10:39 م