□ ترجمة المدىالحدود العراقية الطويلة مع ايران تقوض المساعي الاميركية و الاوربية في فرض عقوبات تجارية على ايران بسبب برنامجها النووي. حيث اعلنت الولايات المتحدة و الاتحاد الاوربي عن عقوبات جديدة ضد ايران
على امل اقناعها في التخلي عن برنامج الأسلحة النووية رغم عدم التاكد من مدى فاعلية هذه العقوبات. من جانبها كانت الصين والهند وروسيا وتركيا واليابان وكوريا الجنوبية قد رفضت هذه الاجراءات الجديدة، كما ان ايران لديها الوسائل لتفادي تاثير العقوبات من خلال جوارها للعراق. لقد تميزت ايران بكونها المستفيد الرئيسي من الاجتياح الاميركي للعراق وبانها تشكل التهديد الاكبر لاستقرار عراق ما بعد صدام. فالدعم الايراني المستمر للمجاميع المسلحة في جنوب العراق يعتبر دليلا على انخراطها في السياسة العراقية وعلى قدرتها في التسبب بالمشاكل لمناوئيها. مع ذلك فان المصلحة الرئيسية لإيران هي في التجارة اكثر مما هي في الواقع السياسي، فايران هي احد اهم الشركاء الاقتصاديين للعراق في المنطقة حيث يبلغ حجم التجارة السنوية بين الطرفين 8 مليارات دولار. على اية حال، فان الحدود العراقية مع ايران التي يبلغ طولها 910 أميال و جغرافيتها الملائمة لتهريب البضائع الممنوعة تعتبر ذات اهمية كبيرة لايران في الوقت الحاضر. لغاية عام 2010، كانت معظم البضائع الممنوعة يتم تهريبها الى ايران عن طريق الامارات العربية المتحدة وعمان. فبدعم من الحكومة الايرانية والحرس الثوري الايراني، كانت تجري عمليات تهريب بضائع إستراتيجية "صغيرة الحجم" الى جزر كيش و كشم الايرانية من دبي ورأس الخيمة ومدحا. منذ بداية عام 2010 بدأت حكومة الولايات المتحدة بالضغط على حكومات الامارات و عمان من اجل منع عمليات التهريب، وهددتها بان فشلها في ذلك سيكلفها الانقطاع عن الاسواق و التكنولوجيا الاميركية. لذا فقد اختارت الدولتين انهاء عمليات التهريب ما بين النهايتين الجنوبية و الشمالية للخليج. ردا على ذلك، التفتت الحكومة الايرانية الى العراق من اجل تجاوز العقوبات الغربية وفرضت قيودا على الشركات الايرانية العاملة في الخليج. فمنذ حزيران 2010 فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الاوربي عقوبات اقوى على استيراد الغازولين الايراني، فاخذ النفط الخام – بمئات ملايين الدولارات- و منتوجات المصافي من كركوك وبيجي تتهرب الى ايران يوميا. ومع تزايد صعوبة التهريب من عمان والامارات العربية، ومع اتساع نطاق العقوبات، تسعى الحكومة الايرانية اليوم الى الاستفادة من حدودها الطويلة مع العراق وانشاء شبكة تهريب اماراتية - عراقية - ايرانية من خلال تأسيس منطقة تجارة حرة في مدينة البصرة العراقية التي تبعد عشرة اميال عن الحدود الايرانية.كما ان ايران تدعم نشاطات التهريب هذه عن طريق فتح مصارف اهلية في العراق وشركات واجهة في الامارات والعراق – بعضها يمتلكها مواطنون من لبنان والعراق وسوريا – تقوم بشراء البضائع الممنوعة من الاسواق وتشحنها بشكل قانوني من الامارات الى العراق ثم تهريبها الى ايران عن طريق المسالك البرية المختلفة. بالاضافة فان العملة الايرانية تتعرض للضغط، فقامت بعض شركات الواجهة في العراق بالدخول الى تجارة العملة من خلال شراء الدولار الاميركي من البنك المركزي العراقي وبيعه الى ايران وسوريا، وهذا هو السبب في " الارتفاع الحاد " في الطلب على الدولار الاميركي في العراق خلال الاسابيع الاخيرة. هناك عدد من العوامل التي سهّلت هذه المبادرة الجديدة. اولها ان ايران تمارس تاثيرا كبيرا على رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي وحكومته، لكنها تمتلك ايضا علاقات جيدة مع حكومة كردستان ومع الكثير من الفصائل وسط و جنوب العراق.ثانيا، ان التجارة المحرمة مع ايران تجلب فوائد مالية كبيرة للمشاركين فيها بالاضافة الى مكاسب سياسية ايضا. اخيرا والاكثر اهمية، فان سنوات التركيز على الدفاع الداخلي على حساب الدفاع الخارجي قد ادت الى اضعاف قدرة القوات المسلحة العراقية في الدفاع عن حدوده. كما ان الفساد في موانىء الدخول منتشر وشرطة الحدود العراقية غير مدربة وغير مجهزة بشكل جيد وتعاني من قيادات ضعيفة. لذا فان القوات الايرانية تسيطر بقوة على حدود كلا البلدين و ان تدفق البضائع يجري بلا عوائق. لذا فليس من المبالغة ان نقول ان ايران لديها مصلحة كبيرة في ابقاء الوضع في العراق على ما هو عليه، كما انها تفضّل عدم الاستقرار في العراق لأن هذا الوضع يبقي العراق داخل نطاق نفوذها وبالتالي يمكنها استخدامه ضد الولايات المتحدة. يبدو من الواضح ان الدول التي تريد تفعيل العقوبات ضد ايران، عليها ان تقنع الحكومة العراقية بالتعاون وتعزيز قواتها الحدودية، لكن الطريقة التي يتم بها تحقيق ذلك غير واضحة، فمن غير المحتمل ان تتعاون حكومة المالكي في هذا الشأن بسبب نواياها الحسنة تجاه ايران وبسبب المردودات المالية الكبيرة التي تحصل عليها عن طريق هذه النشاطات غير القانونية. من كل هذا يتضح
ايران تشجع التهريب عبر الحدود مع العراق رداً عـلى الـعقوبات الـدولية

نشر في: 28 يناير, 2012: 09:09 م









