عالية طالباغلب من زار العراق عربيا وعالميا تحدثوا عن جمالها وسحرها وتراثها وثرائها الجمالي الطبيعي ولتجميلي، واغلب هؤلاء حين نلتقي بهم في بلد ما وزمن ما يطيب لهم تذكر ليالي بغداد ورقة شوارعها ومبانيها وشرفاتها التراثية وانسيابية شوارعها وكورنيشها ونظافتها وتجديدها المستمر .
كل هذه الذكريات تندلق امامنا فنلوذ بالصمت حتى لا نشوه الصورة القديمة بحديث لا يسر العدو ولا الصديق ويصيبنا بالغصة ونحن نقارن بين وجود هيئة واحدة كان اسمها محافظة بغداد بلا مجلس محافظة وبلا مجالس محلية وهيئة أخرى اسمها أمانة العاصمة تتمتع بفصل السلطات والمسؤوليات والمهمات بطريقة واضحة فيما بين الدائرتين . اليوم في بغداد ثلاث مؤسسات حكومية ترتبط بهما مجالس متعددة موزعة حسب الخارطة الجغرافية لكل محلات بغداد ، ولا ندري أين حدود واجبات وصلاحيات كل واحدة من هذه الثلاث التي بمجملها يقع عليها مسؤولية " بغداد الأجمل والأنظف". فيما واقع الحال يشير إلى شيخوخة بغداد وتلول النفايات وغياب الخدمات وشحة سيارات غسل الشوارع وتجميلها وترتيبها وتنظيفها ، بغداد تعاني من إهمال موزع بين ثلاث دوائر تتقاطع فيما بينها على ما يبدو وتدفع بغداد وجمالها الضريبة عما يجري على نتائج هذه التقاطعات .وإذ ما فسرنا وجود المجالس المحلية بأنها على تماس مباشر مع واقع المحلات الخدمي والمعالج لأية مشكلة تقع فيها والمتابع لعلاجها، فاننا عمليا لا نجد ترجمة لهذا الدور المطلوب إذ يرزح اغلب مناطق بغداد بمناطق تجمع النفايات وتخسفات الشوارع ولا تشهد تحسنا ايجابيا إلا في حال تواجد سكن احد أعضاء مجلس المحافظة أو أمانة بغداد فيها إذ حينها سنشهد وجود الآليات التي تتولى اكساء شارع العضو وانسحابها بعدما تتم اعمالها الفردية .بغداد بمعالم مبانيها المتهدمة والقبيحة والشائخة تتصدر واجهات الشوارع الرئيسية ، وبغداد بمظاهر شوارع المطبات المستحدثة كل يوم والمتخسفة بإصرار وإهمال تصافحنا كل يوم لتضيف لوجوهنا الما يتجدد عليها .وبغداد بأكوام النفايات المحاذية لمدارسها وساحاتها الفارغة وأزقتها وأسواقها وشوارعها، تشرع أبواب عجزها وهي تنظر بعيون متعبة لمن يتغاضى عن كينونتها.ثلاث دوائر كان لابد لكوادرها وفرقها وميزانياتها وصلاحياتها ودوائرها المرتبطة بها ، ان تجعل من بغداد جنة الله على الأرض ، وتجعلنا نتباهى بمنجزات هذه الدوائر التي لا يفكر موظفوها بمصالح الشوارع التي يسكنوها فقط بل بكل المناطق التي تقع ضمن صلاحيات دوائرهم وواجباتها ، ولن نشهد ساحات لتلول النفايات ومراكز غسل السيارات وبيع الخضروات والذبح العشوائي بدل الزهور والعاب الأطفال .ثلاث دوائر خدمية ومئات الدوائر المرتبطة بها ولازلنا نلوذ بالصمت حين يتحدث الأصدقاء عن جمال بغداد وعذوبة مائها ومناخها وجمالها وهو ما أصاب ابني بالدهشة وهو يتصفح الكترونيا لقطة لشارع أبي نؤاس في السبعينات ، إذ صرخ أين اختفى هذا الجمال إذن ؟ وهل فعلا كانت هذه بغداد يوما ما!
وقفة: 3 × 1 والعاصمة فـي شيخوخة
نشر في: 28 يناير, 2012: 09:11 م