TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > كتابة على الحيطان: سياسيون أم تجار؟

كتابة على الحيطان: سياسيون أم تجار؟

نشر في: 28 يناير, 2012: 09:17 م

 عامر القيسيدعا  احد السياسيين رفاقه في الطبقة السياسية المتنفذة  الى ترك العمل التجاري وجاء في تصريحه الذي تداولته وسائل الاعلام ،ان مشاركة المسؤولين السياسيين في الأعمال التجارية يعتبر فسادا اداريا وان على السياسيين أن يتركوا التجارة والمقاولات لغيرهم. ولم يخص هذا الرجل سياسيا بعينه ولا كتلة  سياسية محددة  وإنما كان حديث الرجل عن ظاهرة  هي مدار حديث الشارع العراقي بفعل ملفات الفساد التي تفتح بين فترة وأخرى لتكشف لنا عن متورطين في الطبقة المتنفذة  .
وبرغم التعاطف الكبير الذي تلقاه هذه الدعوة من شرائح اجتماعية واسعة التي تعتقد واهمة ان مجال عمل السياسيين في خانة أخرى غير المقاولات والعمولات والمضاربة بالعقارات في عمان ودبي والقاهرة ولندن وغيرها من العواصم التي شهدت تواجدا مكثفا لطبقتنا السياسية المحترمة في مجالات تجارية واقتصادية عديدة ، أقول برغم هذا التعاطف الذي افترضه من باب البديهيات الا انني أتساءل ببراءة الأطفال :من يستمع الى هذه الدعوة للوقوف في وجه ظاهرة حولت معظم سياسيينا الى جوقة من المقاولين  والتجار الذين يقضون معظم اوقاتهم في أعمال الـ " بزنز " داخل البلاد وخارجها للاثراء الفاحش غير الشرعي دينيا ودنيويا لان  زمنهم يتوجب ان ينصب على انقاذ البلاد والعباد مما هم فيه؟  وأضيف ،ان من يسمع أو يقرأ هذه الدعوة منهم سيبتسم وربما يكركر بعمق من صميم قلبه مستحضرا المثل العراقي الشعبي " عرب وين طنبورة وين "!!المواطنون يسمعون عن اقطاعيات تجارية وعقارية  تولد وتنمو وتكبر وتشكل مافياتها الخاصة من داخل الطبقة الحاكمة والمتنفذة تحديدا مستفيدة من التسهيلات بحكم مواقعها الرسمية والسياسية تاركة البلاد والعباد في جهنم الأزمات التي تتوالد مثل اقطاعياتهم في بلد يعج بالفقر الذي ترتفع مستوياته باستمرار فوق المعدلات العالمية المقبولة ، والفساد المالي والأرامل والأيتام وانعدام الخدمات، فضلا عن الانهيار المحتمل للعملية السياسية التي تعاني هي الأخرى الصراعات الشرسة على الامتيازات والمناصب . ولن نذهب بعيدا في أدلتنا ، فقط لاحظوا من أين يتكلم الكثير من قادة العملية السياسية من خلال الفضائيات، هذا من لندن والآخر من عمان وغيره من دبي والقاهرة واسطنبول وربما حتى من جزر المالديف ، في الوقت الذي تؤجل فيه جلسات البرلمان لعدم اكتمال النصاب !!في ظل الاهتمامات الكونية لسياسيينا في ترميم العملية السياسية بالعقارات وصفقات العمولات المشبوهة  بما فيها التابعة للمال العام ، العائد لنا افتراضا التي تباع بابخس الاثمان للاحزاب والشخصيات المتنفذة ، والأدلة لاتعد ولا تحصى ،نقدم لساستنا " الكبار" نموذجا مختصرا في التقرير التالي الذي نشرته اذاعة العراق الحر : الى الشمال من مدينة العمارة حيث تقبع عائلة مؤلفه من ست بنات فقدت معيلها لتجد الأم نفسها أمام  تحد كبير يتمثل في حجم المسؤولية الملقاة على عاتقها. وقد اضطرت مجبرة على بيع اثنتين من بناتها وهن لم يتجاوزن الاثني عشر ربيعا، مقابل مبلغ بخس لا يتجاوز المليون دينار لكل واحدة منهن. من اشترى الفتاتين تزوجهما برغم أن إحداهن في الحادية عشرة من العمر والثانية في الثانية عشرة من العمر ولم يبلغن بعد، الأرملة روت قصتها وهي تبكي قائلة: إنها اضطرت إلى ذلك لأنها لا تستطيع توفير أي شيء لهن.ابنتها الثالثة ستلتحق بركب شقيقتيها وقد  عبرت عن رأيها في صفقة البيع فقالت إنها موافقة لأن ظروف أمها وعائلتها سيئة للغاية.اختتمت الأم حديثها: "لا أريد قصرا فارها... أريد غرفة أعيش تحت سقفها... لا غير".تحية لأصحاب الضمير !!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram