 بغداد / مازن الزيدي عندما تحدث الوكيل الأقدم لوزارة الداخلية عدنان الأسدي في تشرين الثاني الماضي عن "عماء امني" في 4 محافظات ساخنة، بعد الانسحاب الأميركي، وحرمان أجهزته من الجهد الاستخباري للقوات الأجنبية، لم يأخذ ساسة البلاد، بمن فيهم القائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي،
حديثه على محمل الجد، رغم أن حديث الأسدي كان واضحا وصريحا عن مخاطر حقيقية سيتعرض لها "الأمن الهشّ" بعد رحيل الحلفاء.الأسدي، الذي يعد مسؤولا امنيا مخضرما في وزارة الداخلية، لم يكن يتحدث عن تسريبات أو تكهنات بقدر كونه يتحدث عن مخاوف نابعة عن معطيات تفرضها معطيات سياسية واستخبارية في جغرافيا لم تستطع القضاء على جيوب القاعدة والمجاميع المسلحة.الأسبوع الماضي وحده حمل معه تعبير "رؤيا" الأسدي حول عماء أجهزته الأمنية في المحافظات الغربية عندما تم اغتيال ابرز المحللين لعقلية القاعدة واحد زعمائها المنشقين عنها الملا ناظم الجبوري في 24 كانون الثاني الحالي. اغتيال الجبوري تبعه بيومين اثنين فقط اغتيال قيادي كبير في تنظيمات الصحوات في الانبار وهو الشيخ نعيم الحلبوسي بانفجار عبوة لاصقة.هذه المعطيات تؤشر حسب المحللين الأمنيين مدى "الانكشاف" الذي يتعرض له زعماء الصحوات، فضلا عن مقاتليهم، أمام مخطط متقن لتصفيتهم بشكل منظم بعد تخلي الحكومة العراقية عن استيعابهم في المؤسسات الأمنية والحكومية بعد تسلمها ملف الصحوات مطلع عام 2009 من الجانب الأميركي.وتعرض تشكيل "أبناء العراق"، الاسم الرسمي لتنظيم الصحوات، في تشرين الثاني عام 2009 لأكثر العمليات دموية عندما هاجم مسلحون يرتدون زيا عسكريا قرية السعدان التابعة لقضاء أبو غريب وقتل خلال 13 شخصا ينتمون إلى الصحوة بعد أن تم اختطافهم، كما شهد نيسان الماضي مجزرة قرية "البو صيفي" والتي أسفرت عن مقتل 24 شخصا من الرجال والنساء في هجوم نفذه أيضا مسلحون يرتدون زي الجيش العراقي على أربعة منازل سكنية في القرية التابعة لمنطقة هور رجب جنوب بغداد.                                                                      "فلاش باك"نجح قائد القوات الأميركية في العراق الجنرال ديفيد بترايوس باستقطاب الآلاف من المسلحين الذين كانوا يشنون حربا مرهقة في المحافظات والمناطق ذات الغالبية السنية لمواجهة تنظيم دولة العراق الإسلامية الوجه العراقي لتنظيم القاعدة، وكان من ابرز رموزها في الأنبار الأخوان عبدالستار واحمد ابو ريشة بالإضافة الى حميد الهايس وآخرين من شيوخ عشائر الأنبار.وتولى الجيش الأميركي منذ تأسيس الصحوات دفع رواتب عناصرها بانتظام حتى عام 2008 حين حولت الملف إلى عهدة بغداد التي وعدتهم بزجهم في الوظائف الحكومية ودمج 20% منها في المنظومة الأمنية. إلا أن جزءاً من تلك الوعود لم يتحقق بعد، فضلاً عن عدم انتظام دفع الرواتب الشهرية لأعداد هائلة تقدر بنحو 90 ألف مقاتل كانوا يلاحقون المسلحين من بابل حتى شمال كركوك والموصل.الإحصائيات الرسمية تتحدث عن ان الحكومة العراقية لم تف بوعدها لأكثر من 15% من أبناء الصحوات فيما ترك الباقون ليواجهوا مصيرهم مع ثارات القاعدة التي باتت تغريهم بالعودة في أوضاع اقتصادية واجتماعية بائسة تعيشها محافظات أنهكها العنف والإهمال الحكومي على مدى السنوات التسع الماضية. "نكران الجميل" ولم تكتف الحكومة العراقية بعدم الوفاء بوعودها أمام الآلاف من أبناء الصحوات الذين وفورا لها "قاعدة بيانات" ثمينة عن هيكلية المجاميع المسلحة وحواضنها وطبيعة تخطيط وتنفيذ العمليات التي تنفذ في محافظات البلاد.بل قامت الحكومة بعد 2008 بتحريك الملفات الجنائية، أو أنها وقعت ضحية تظليل ووشاية القاعدة بالمنشقين عنها، عندما اعتقلت عشرات القادة البارزين في بغداد وديالى بتهم ارتكاب جرائم بحق مواطنين أو التورط بأعمال تهجير طائفي ضد الكرد او الشيعة او حتى ضد القوات الأمنية.وبحسب جبير التميمي، احد قادة الصحوات في الأنبار، فان "70 % من صحوة الأنبار داخل المعتقلات تحت طائلة المادة 4 إرهاب" ويؤكد أن "من لم يعتقل فهو مطارد"، مشيرا إلى أن "الحكومة تنظر لنا بنظرة دونية وعلاقتنا معها شبه مقطوعة منذ 2009". حديث التميمي يلخص الحال التي وصلت إليه الصحوات بين سندان الحكومة العراقية ومطرقة القاعدة التي ما