د. معتز محي عبد الحميدإذا كانت الثقافة الأمنية التي هي جمع اجتماعي من القيم والمعارف والاتجاهات والسلوكيات المشتركة ذات الإجماع الاجتماعي تضبط أنماط السلوك وتكون معاني المدركات والمعارف وتقدم خطواتها الفعالة في ضبط الأفراد وتعزيز امتثالهم ومجاراتهم للأعراف والقوانين هادفة إلى تحقيق التوازن الأمني في المجتمع، وبهذا تعتبر الثقافة الأمنية الوسيلة الرئيسة للتحصين الاجتماعي لوقاية المجتمعات من خطر الانحرافات والسلوكية حتى يتحقق الأمن المجتمعي وتحقق المجتمعات أهدافها في ظله.
والثقافة الأمنية كتحصين اجتماعي ضد الجريمة لها دوران مهمان:1- التنشئة الاجتماعية الأمنية للفرد من خلال التعريف بالسلوكيات المقبولة والسلوكيات غير المقبولة اجتماعياً وتعرف الفرد بالأعراف الاجتماعية ونوعية العلاقات السائدة.2- إيجاد طرق الضبط والتحكم والتوجيه إلى الأفضل ، وبهذين الأمرين تحقق الثقافة الأمنية تأثيراتها في الضمير الإنساني، ذلك التأثير الذي من شأنه جعل ضمير كل فرد شرطياً كامنا في داخله ... صوت عقل وحكمة تنطلق تحذيراته عند أي لمحة انحرافية عن السلوك القويم ، وصوتاً مؤيداً بالسعادة والرضا في الانصياع لأمر القانون والخضوع لمقتضيات العرف الاجتماعي الأصيل النابع من كل نبع صاف .. وتتشكل مكونات القضايا الأمنية في دعم التعليم والمتعلمين إرشادا، من خلال المناهج المدرسية التي تجنب مظاهر الانحراف السلوكي وغرس قيم تسمو بالنفس البشرية . وإذا كان النص القرآني يقول 🙁 إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) فإن تغيير النفوس يعتبر التمهيد الضروري لتغيير السلوكيات نحو الأفضل .. والتعليم من خلال برامجه الهادفة يدعو إلى تدعيم التحصين الاجتماعي ضد الجريمة .. وإذا كان التعليم مقصوراً على فئات المجتمع الأخرى فإن الإعلام الأمني يأتي كوسيلة تعليمية مشاركة في تدعيم الثقافة الأمنية لكافة فئات المجتمع.وكثير من المجتمعات – في ظل الأوضاع العالمية الحالية – اتسمت ببعض الصفات السلبية المتصلة بالقيم الفردية والجماعية المؤثرة سلبا في تحقيق الأمن كالقدرية والاتكالية والعاطفية المفرطة ، وعدم احترام حقوق الإنسان ، وظواهر قلة الانضباط ، قلة الحرص على الممتلكات العامة ، والازدواجية في التصرف ، والاقتناع بزيف التناقض بين العلم والدين وغيرهما.كل هذه الأمور تستوجب تثقيفا أمنياً .. ويجب أن نراعي في عملية التحصين الاجتماعي ضد الجريمة كيفية مواجهة الغزو الثقافي مواجهة جادة وندعم دور الأسرة والتربية الدينية في التثقيف الأمني .. كل هذا ، ومن جهة أخرى يجب أن تمتد يد التثقيف الأمني إلى القائمين بالعمل الأمني ذاتهم ، فالعمل الشرطي المتسم بالتشعب والانتشار متداخل في مختلف مجالات العمل البشري ، لهذا يتعين أن يلم رجال الشرطة بعلوم ومعارف شتى لتغطية المجالات التي يمتد إليها نشاطهم حتى لا تقتصر أساليب الشرطة وإمكاناتها على تحقيق الأهداف المرجوة منها ، أو أن يشوب عملها نقص في كفاءة او قلة في جودة مرغوبة ومستوى منشود، لهذا يأتي دور التعليم الشرطي ليقدم الثقافة الأمنية المتخصصة التي تؤهل العاملين بالشرطة بكفاءة مستوياتهم تأهيلاً مهنياً يمكنهم من أداء مهام أعمالهم، والتعليم الشرطي له أثره الفعلي المساهم في الإنتاجية العامة فقد أكدت دراسات عدة وجود علاقة طردية بين مستوى التعليم والتدريب الشرطي والإنتاجية الشرطية ومن ثم إنتاجية الاقتصاد القومي.
تحت المجهر: الثقافة الأمنية والوقاية من الجريمة
نشر في: 29 يناير, 2012: 08:03 م