اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > أزياء ونساء وهلم جرا

أزياء ونساء وهلم جرا

نشر في: 29 يناير, 2012: 09:00 م

ميسلون هاديهل يجوز لنا نحن الشعب المغلوب على أمره، أن نفرض زياً موحداً على نائباتنا من البرلمانيات، أو نتدخل بملابس الوزيرات التي هي حق مطلق من حقوقهن، أو نفرض أذواقنا وأفكارنا في تحديد الزي الذي يخترنه وهو الذي يعتبر، أي الزي،
 الملمح الأول لأسلوب الإنسان والتعبير عن شخصيته؟؟.. إذن كيف يجوز أن تفرض وزارة المرأة على النساء وصاية جديدة ظاهرها الحرص على انسيابية العمل، وباطنها التدخل في اختيار ملابسهن وأشكالها وفق ما طالعتنا به وسائل الإعلام من توصيات اللجنة الوطنية العليا للنهوض بالمرأة العراقية والتي تدعو فيها الوزارات العراقية والدوائر غير المرتبطة بوزارة الى ضرورة التزام الموظفات بعدم ارتداء بعض الملابس الضيقة والفساتين الواضحة المعالم، وعدم ارتداء الأحذية الخفيفة، وعدم ارتداء الملابس المزركشة واللماعة.  وفي الحقيقة إن كل تلك الملابس المذكورة أعلاه غير مستحب لبسها في أماكن العمل.. ماعدا الأحذية الخفيفة طبعاً.. ولكن المشكلة ليست في نوعية الملابس ولا زركشتها أو كثرة الزخارف فيها، ولكن في الخشية من تفشي ظاهرة قمع المرأة والتنكيل بها عبر قليل من هذا وكثير من ذاك حتى وصلت مظاهر التشدد إلى حرمانها من مباهج الطفولة عبر ما نلمسه من انتشار الحجاب على رؤوس البنات الصغيرات في المدارس الابتدائية، مما يؤكد النية على تحويل رأس المرأة إلى سلاح إرهابي عن طريق التوصيات المتطرفة التي تفرض من الإدارات والتي تتبنى الشكل دون المضمون، فتعمد إلى إخفاء عقل المرأة وتجاهل حقوقها واختزال كيانها الإنساني بملابس لماعة وأحذية خفيفة لم تصبح في المتناول إلا للتعبير عن وجدان مسالم ومحب للحياة والفرح يريد المتشددون محوه من الوجود  ليخلقوا بدله شتى أنواع العقد والأمراض النفسية.إن فرض زي موحد (وأنيق) على الموظفات و(الموظفين) لا يعني أمراً خاطئاً لأن الكثير من الشركات الأهلية والحكومية في العالم تعتمده من باب الحفاظ على الأناقة والخصوصية.. كما ليست المسألة هي الاعتراض على شكليات ومتعلقات أصبحت، مع الأسف، هي كل ما يشغل البال. إنما نحن مع ألا تكون المرأة تحديداً كومبارساً أو (حائط نصيص) تحت راية الحرية المنصورة.. ومع احترام حقوق المرأة وتكريم ما وصلت إليه من مكانة ومع أن تنصب جهود الجميع على الإعلاء من حقوق النساء التي ما زالت تخوض في المياه الطامية، بين الاعتراف الدولي قانونيا بهذه الحقوق، وبين التطبيق المحدود لها عمليا على أرض الواقع  حيث التمييز العنصري ضدها ما زال قائماً خصوصاً في عالمنا العربي. وقد كنا نعتقد أن فكرة تقييم وضع المرأة من خلال ملابسها وجعل تلك الملابس (روزنامة) يكتب عليها الآخرون انتصاراتهم وهزائمهم، هي فكرة تعكس عقد بعض الرجال ونوازعهم المقتضبة. أما أن تكون المرأة طرفاً لاعباً في كتابة هذا التقويم الذي يهمل عقلها وقدراتها الفكرية، فإنه لا يعني فقط إننا نخرق الدستور الذي يتغنى به قراء المقام ليل نهار، ولكنه يعني أيضاً إننا أمام (حَكم) متحيز يلغي كل أهداف المباراة التي سجلها المفكرون المتنورون منذ ابن رشد ولحد الآن، ويؤسس لاضطهاد المرأة في الفضاء العمومي بل يستجيب لنوازع الرجل الذي لا يريد أن يراجع نفسه وينظر إلى هذه المرأة نظرة جديدة تقف على مسافة مناسبة من الموضوع لا المظهر.. ومن المضمون لا الشكل. علماً بأنها الأكثر وعياً منه بقيمة الحياة وحرصاً على الحفاظ عليها وعلى مباهجها، بينما بعض الظالمين من الرجال الذين يتغنون بالديمقراطية صباح مساء هم الذين يقودون البلاد نحو الغم المطلق بالرغم من إنهم يرتدون البدلات الأنيقة والأحذية الثقيلة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram