TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > كردستانيات :كردستان وبغداد وفرص للمراجعة

كردستانيات :كردستان وبغداد وفرص للمراجعة

نشر في: 29 يناير, 2012: 10:25 م

 وديع غزوان  إلى وقت ليس بالبعيد كان التعصب جزءاً من الثقافة التي سادت مجتمعاتنا وتجذرت في عقولنا كحقائق لاتقبل النقاش. وفي وقت كانت الأحزاب القومية تدعو  الجميع للعمل من اجل  تحقيق الوحدة العربية  وتضع النظريات بشأن أهميتها، كانت تتعامى عن حقوق القوميات الأخرى وترفض الاعتراف بأن المجتمع الذي نعيشه هو خليط من مكونات متنوعة، عملت جميعها على صنع حضارتها وقدمت التضحيات على طريق تحرره واستقلاله.. صور هذه النظرة الأحادية ظلت لعقود تحدد سياسة الأنظمة المتعاقبة،
 والأسوأ والأكثر مرارة إنها تجسدت بأسوأ أشكالها في عصر الاستقلال وما يسمى الأنظمة الوطنية، التي في الغالب قفزت على المبادئ لحساب السلطة وما تمثله من قوة وسلطان ، وتحملت الشعوب بمختلف  مكوناتها تبعات ذلك حيث كانت النتائج كارثية تمثلت في التصفيات  الوحشية وحملات الإبادة لكل صوت يطالب بتكريس قيم المواطنة كضمانة لبناء الأوطان على أسس صحيحة. في العراق لم تكن الصورة مختلفة، غير أن أحداث ما بعد 1991 مكنت حركة التحرر الكردية من انتهاز فرصة تاريخية لبناء تجربتها التي شقّت طريقها وسط صعوبات وتحديات كثيرة إلى أن وصلت إلى ماهي عليه الآن، متجاوزة عقد الماضي ومستفيدة من دروسه. لاندّعي أن التجربة الكردستانية تخلو من الأخطاء، غير أنها  باعتقادنا،وفي محيط معقد حققت الكثير.. وهذا بحد ذاته ما يعطي حافزاً للحزبين الاتحاد الوطني والديمقراطي الكردستانيين ومعهما ما يعرف بأحزاب المعارضة لإصلاحات وتغييرات جذرية تعمق روح المواطنة ومسؤولية الجميع في تقديم أفضل الخدمات للمواطنين. لا أدّعي المتابعة الدقيقة لأوضاع الإقليم، غير أن الشيء الذي كان بارزاً في هذه التجربة ،إن الجميع شبه متفق، رغم اختلاف وجهات النظر بين الوطني والديمقراطي الكردستانيين من جهة وأحزاب المعارضة من جهة أخرى على مواضيع عديدة، على مشترك أساس هو أن الخلافات يجب أن توجّه للصالح العام وتعميق الإيجابي المتحقق .وهذا ما نفتقده -مع الأسف- في بغداد حيث أن هنالك  أطرافاً تسعى إلى تأزيم الأوضاع دائماً لإلهاء المواطنين عن حقيقة مطالبهم وتطلعاتهم المشروعة وصرف أنظارهم عن حقوقهم المسلوبة  وعن الفساد السياسي والمالي والإداري.. مظاهر شوّهت العملية السياسية وأوهمت البعض إمكانية خداع الملايين بشعارات زائفة عن " البطل والمنقذ " والعودة بالوطن  إلى الوراء من خلال تكريس قيم الاستحواذ والتفرد كبديل للشراكة الحقيقية التي تؤسس لبناء مشروع وطني عراقي، يشعر فيه الجميع بالمساواة والعدل. الحقيقة التي يرفض عدد من السياسيين الاعتراف بها إن زمن الدكتاتورية ولّى ولا رجعة له وإن شرعية أي نظام تترسخ بمقدار احترامه تطلعات الجمهور الذي صوّت له و مدى اقترابه منهم وتحسسه بهمومهم، وتجسيدها على ارض الواقع بعيداً عن التصريحات والكلمات المنمّقة لأن مفعولها قد انتهى. ربما ما نمر به من أزمة فرصة لمراجعة قاسية لسلوكياتنا لنعرف كم قصّرنا بحقّ الشعب.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram