TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > عـالَـم آخــر :حكومة الاغلبية الفاشلة سلفا

عـالَـم آخــر :حكومة الاغلبية الفاشلة سلفا

نشر في: 29 يناير, 2012: 11:13 م

 سرمد الطائي  دعونا نعود بعض الوقت الى الوراء. لقد كان رئيس الحكومة نوري المالكي مسرورا بنجاحه في "طرد" وزراء الكتلة الصدرية و"القائمة العراقية" عام 2007، وظل يحكم حتى مطلع 2011 وحده تقريبا، متعايشا مع الحصة التقليدية للتحالف الكردستاني، والهامش المحدود للمجلس الاعلى. لكنه شعر بالخطر الحقيقي حين وجد امامه تقاربا سياسيا بين المجلس الاعلى والعراقية والتحالف الكردستاني، حين اصدر مجلس رئاسة الجمهورية نهاية 2009
بيانا نادرا يعترض فيه على سياسة التفرد التي انتهجها المالكي. وراح البيان الموقع من الرئيس طالباني ونائبيه عبد المهدي والهاشمي يومذاك، يسرد نحو 20 خطأ قاتلا وقع فيها المالكي، من اقالة عبد الكريم خلف مدير عمليات الداخلية، وصولا الى اتهام عبد الباسط تركي بجرائم "ابادة جماعية".كان البيان بمثابة تحذير اول لما سيحصل في العامين التاليين وجاء كرد اول على استعراضات مبدئية يقوم بها المالكي. وحينها ادرك رئيس الحكومة ان في وسع خصومه ان يعيدوا ترتيب صفوفهم، وان العراق ليس جزيرة معزولة يسرح فيها حزب الدعوة ويمرح كما يشاء. الا انه يمضي نحو هدف "الاحتكار" دون ملل. وكان الحل المتاح امامه ان ينشغل بأحلام كبيرة بشأن انتخابات 2010 لكنه سرعان ما خسر من حلمه نحو 60 مقعدا، ومنذ ذلك التاريخ وهو يحاول ان يعيد ترميم الحلم بأي ثمن.لقد أوشك المالكي على خسارة السلطة، وكان عليه لكي يحتفظ بها ان يقبل مرغما، وجود 8 اصوات في مجلس الوزراء للتيار الصدري، و11 صوتا للعراقية، وخريطة تنسيق مواقف يقوم بها خصومه في البرلمان تؤخر احلامه في مد النفوذ والسيطرة. راح يضم الهيئات المستقلة بالقوة ويجرد البرلمان من صلاحية التشريع، ويطرد رحيم العكيلي ويهدد باعتقال الشيخ صباح، وواجه معارضة واسعة على ايقاع احتجاج شعبي هو الاول من نوعه. فانهمك في ألف مخطط لشق صف الخصوم، وراح يعبث بالضد النوعي عبر عصائب الحق ومنظمة بدر والعراقية البيضاء، وحين تأخر به الحلم ثانية، اقحم خضير الخزاعي في لعبة الرئاسة حتى تخلص من عادل عبد المهدي، ثم ادخلنا في نفق الهاشمي المظلم لكي يكمل عملية "تحرير السلطة".وسواء عاد وزراء علاوي الى الحكومة ام لم يعودوا، فإن حلفاء المالكي يتحدثون منذ اكثر من سنة عن حلم "حكومة الاغلبية"، ولن يتوقفوا عن السعي لتحقيق هذا، وسيواصلون التهرب من المأزق السياسي نحو التبشير بحلم "الاغلبية".ولعل معظم البلدان المستقرة تعمل بهذا النظام في الادارة، لكن آخر من سينجح في تطبيقه هو طبقتنا السياسية الحالية. والتبشير بهذا هو مخدر جديد سيقول للجمهور: سنظل عاجزين عن خدمتكم بسبب "حكومة التوافق"، اصبروا فقط كي نشكل حكومة اغلبية وسنبهركم بالنجاحات.ان جردة حساب سريعة لحكومتنا تجعلنا نشك في قدرتها على التصحيح سواء كانت حكومة اغلبية او مشاركة. فالخطأ اعمق من هذا، وافتقادنا لطواقم الخبراء العابر للحزبية الضيقة، هو الداء الوبيل الذي يلاحق ادارة البلاد، ولا يمكن لهذا ان يصحح الا بمراجعة لهذا الانغلاق الحزبي على كوادر فاشلة.وقد حكم المالكي البلاد بحكومة اغلبية بين 2007 ومطلع 2011، لكننا نلاحظ ان الفشل والتلكؤ يشمل حتى رجاله الخاصين. بيد من كان ملف الكهرباء طيلة الاعوام الستة الماضية؟ وبيد من كان ملف الأمن والتربية ثم التعليم العالي؟ وبيد من كان ملف الاستثمار؟ بيد من كانت البصرة المتلكئة، وسوى ذلك من المناطق والمهام التي احتكرها رأس السلطة لنفسه.الخلل ابعد من اغلبية وتوافق، واستخدام الامر لتخدير النفوس الساخطة لن ينجح طويلا، فبلادنا مخدرة بما يكفي ولا وقت لتأجيل الحلول العميقة.rn 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram