علي حسين لا نتوقع أن يتغير الإعلان الذي يطاردنا في كل مكان لدخول لعبة المصالحة الوطنية التي يرفع لواءها عامر الخزاعي وامتلاك الأسهم الرابحة حتى نصبح جزءا من العملية السياسية فنستطيع ان نحقق أحلامنا بالحصول على منصب حكومي دسم ومقاولة هنا أو هناك. وحتى لا يتعامل معي البعض باعتباري معارضا لمبدأ المصالحة، أسارع للقول بأنني مع أن تتصافى قلوب العراقيين جميعا ومع أن يمدوا أيديهم لبناء هذا الوطن، مع مبدأ التسامح،
وأنا مثل غيري من بسطاء العراقيين نؤمن بان الإنسان الحق هو ذاك الذي لا يكرر خطأ الظلم الذي ناضل كي يرفعه، أما ما يدور عندنا من جلسات سمر أطلق عليها مصالحة وطنية، لا تعدو كونها مسرحية كوميدية تتحول في بعض المناسبات إلى تراجيديا تدمع لها كل العيون، فنحن نعرف أن ما يقوله سياسيونا في الغرف المغلقة يختلف كثيرا عما يقولونه في الهواء الطلق من كلمات معسولة يخدرون بها الجماهير المسكينة، ولذلك تتركهم الناس يقولون ما يشاءون مادامت تدرك أن ما تريده الحكومة هو الذي يتحقق في النهاية.فالكل يعرف ان ساستنا ومسؤولينا منهمكون طوال الوقت بإضافة أنواع جديدة من الفصائل الى قائمة المصالحة التي لا تنتهي، فلا يمر يوم إلا ويخرج علينا وزير المصالحة ليضيف صنفا جديدا من السياسيين على شاكلة المناضل مشعان الجبوري الذي أعلنها صريحة وواضحة: أنا وقناتي الفضائية الجديدة "الشعب" في خدمة الحكومة مادامت المصالحة ستمحي في طريقها ملفات فساد وأحكاما جنائية واموالا سرقت، ولا باس من ان تفتح الحكومة خزائنها لتلوح بسيف عبد اللطيف الهميم وحملته الإيمانية لكل من تسول له نفسه تفسير حكومة الشراكة الوطنية على غير هوى ورغبة المقربين من المالكي. ولهذا ومن اجل عيون الحاج "بالنيابة" عن القائد المؤمن كان لابد من اتخاذ كافة الاحتياطات الأمنية وان يحرم الناس من التحرك والتنفس بالقرب من المكان الذي أعلن الشيخ الهميم فيه عن تشكيل تيار سياسي جديد يدعو إلى تقوية صلاحيات رئيس الوزراء، فلا يهم أن تتعطل حركة المرور، وتصاب الشوارع الرئيسية في بغداد بالشلل وتتحول الأزقة إلى نقاط للتفتيش والجنود السريين، فكل شيء يهون مادام الشيخ في طريقة لإعلان حملته الايمانية الثانية والتي من الممكن ان يتوجها بـ"عمرة" يوزعها على عدد من المقربين. وكنت بصدد إخضاع نفسي الأمارة بالسوء لتدريبات قاسية على استقبال اخبار حضور الهميم الى بغداد واستنفار القوات الامنية لحمايته وحديثه عن الدستور وصلاحيات رئيس الوزراء بمنطق «الصدفة» واستبعاد وساوس "الصفقة"، لكن للأسف كل ذلك ذهب أدراج الرياح، وحرمتني "مصادر مطلعة" من رغد العيش تحت ظلال نظرية "النوايا الطيبة" حين اعتبرت هذه المصادر أن التلويح بالهميم رسالة إلى كل الذين لا يريدون العيش مع المالكي تحت سقف حكومي واحد. فات اصحاب الاعلان ان المصالحة الحقيقية هي في إشاعة الحريات ونشر الديمقراطية والمواطنة ومحاربة الفساد، وبغير ذلك فمصالحتكم لن تجلب لنا إلا الكوارث التي ستستمر حتى لو عقدتم مليون "جلسة" مصالحة، فمن غير المعقول أن تمد الحكومة يدها لمصالحة فصائل مسلحة بينما هي تغل يدها أمام القوى السياسية المشاركة لها في العملية السياسية، إن الكوميدي في مسألة المصالحة الوطنية أن تسعى الحكومة إلى فتح حوار مع جماعات ظلت تلوح بسيف صدام حتى اللحظة الاخيرة بينما هي في المقابل تعلن حربا شعواء ضد موظفين مساكين جريمتهم الوحيدة إنهم احنوا ظهرهم أمام عواصف صدام وإجرامه الذي عم العراقيين جميعاً. اداء فكاهي للغاية حين يتصور البعض ان حزب الهميم سيكون إضافة وانتصارا لإرادة العراقيين وسينقلهم من العوز والتخلف إلى قائمة الدول الكبرى، بل إن بعض المقربين من الحكومة لم يتوقفوا حتى ساعات مضت عن الدعاء لكي يمن الشيخ الهميم علينا بحملة إيمانية جديدة يكون شعارها: "من لا يسبح بحمد الحكومة، مصيره جهنم وبئس المصير".
العمود الثامن :الهميم.. هل تتذكرونه؟!
نشر في: 29 يناير, 2012: 11:33 م