حازم مبيضينبعد إلغاء عدة مواعيد، دون أن نعرف السبب، وكأن ذلك للتشويق والإثارة، وصل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إلى عمان،ليجتمع بالملك عبد الله بغياب الحكومة والجانب الأمني، وبما يعني مبدئياً أن عودة العلاقات بين الجانبين ستخضع لشرط المصلحة الأردنية العليا، وحرص صانع السياسة الأردني على المضي في تحسين العلاقة مع حماس دون اندفاع، ولكن دون إفقادها مغزاها السياسي.
بعد اللقاء أفضى مشعل بتصريحات شدد فيها أن ( الأردن كان وما زال وسيبقى على العين والرأس نحرص على أمنه واستقراره وصالحه وإقامة علاقة متميزة معه )، ولطمأنة الجانب الأردني أعلن أن تنظيمه ( حريص على أمن الأردن واستقراره ويحترم أصول العلاقة، واصفاً زيارته بأنها مفتاح لزيارات أخرى ومجدداً الرفض القاطع لكل مشاريع التوطين والوطن البديل والإصرار على استعادة الحقوق الوطنية غير منقوصة).لم تحمل هذه التصريحات جديداً على الصعيد السياسي، وإن كانت تسعى للإيحاء بنجاح المحادثات التي خاضها الأردن رغم الاستياء الأميركي منها، وبالمقابل فإن الأردن لم يعلن جديداً فقد أوضح مجدداً قناعاته السياسية على لسان الملك الذي أكد دعم الأردن حقّ الشعب الفلسطيني في إقامة دولته على الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وأن المفاوضات التي يجب أن تستند إلى حل الدولتين وقرارات الشرعية الدولية، وهو الأمر الذي يشكل مصلحة أردنية عليا، تشكّل السبيل الوحيد لاستعادة الشعب الفلسطيني لحقوقه، ولم تكن مصادفةً أن يشدد الملك،بحضور مشعل ومكتب حركته السياسي على دعم الأردن للسلطة الفلسطينية في جهودها لتحقيق هذه الغاية. الجديد في تصريحات مشعل هو توصيفه للعلاقة الأردنية الفلسطينية إذ يرى أنها نبتت من خصوصية نعتز بها جميعاً منذ توحدت الضفتان، وهي علاقة متداخلة، ترغب حركة حماس بمعالجتها وإدارتها بعقل وقلب مفتوحين، وبما يخدم العلاقة الأردنية الفلسطينية ويراعي الخصوصية والتاريخ، ويحقق مصالح الجميع، وقدم التحية للشعب الأردني ( الذي عشنا معه، فهو في القلب وعلى الرأس وننتمي إلى جذور واحدة)، والإشارة هنا واضحة لقرار فك الارتباط القانوني والإداري الذي اتخذته عمان ليكون عوناً وسبيلاً لقيام الدولة الفلسطينية المستقلة، وكانت حماس بحكم ارتباطها بجماعة الإخوان المسلمين الأردنية تتحاشى تأييده، وهاهو مشعل يتحدث وكأن القرار قابل للنقض، أو التحوير والتغيير حتى لانقول الإلغاء. ليس سراً أن أحداث الربيع العربي قد فرضت على حماس مواقف ومواقع جديدة، فالحراك الإخواني المعادي للنظام في سوريا، اضطر مشعل لمغادرتها نهائياً بعد أن مكث فيها ردحاً من الزمن، وليس سراً أن القاهرة تتحفظ على إقامته فيها وأن قطر في الوقت الراهن هي المرجحة لاستقبال قيادة حماس في الخارج، ولذلك فإن عمان حرصت قبل الزيارة وبعدها على التأكيد على أنه لو قام مشعل بأكثر من زيارة ولقيت تلك الزيارات ترحيب إخوان الأردن الذين يعيشون مرحلة تهدئة مع حكومة عون الخصاونة، فإن العمل السياسي لحماس في الأراضي الأردنية سيظل خطاً أحمر، وأن حماس ليست أكثر من تنظيم فلسطيني، يمكن أن تكون له علاقة بعمان، لكنها لن ترقى بحال إلى مستوى العلاقة مع منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية، وبما يعني في آخر الأمر أن الزيارة لن تتجاوز حجمها مهما نفخ الإعلام فيها، ولكنها مع ذلك تظل خيراً من حالة الفتور التي شابت العلاقة بين حماس والأردن فترة غير قصيرة.ومع ذلك يبدو مهماً التذكير بأن الأردن يقف على مسافة واحدة من التنظيمات الفلسطينية كافةً مادامت تلتزم بعد العبث في الساحة الأردنية، ومهم أيضاً أن تستعيد ذاكرة حماس أن الراحل الحسين ظل يعطف على هذه الحركة منذ توسط لإطلاق سراح رئيس مكتبها السياسي موسى أبو مرزوق من سجنه الأميركي واصطحبه معه إلى عمان، ومنذ أنقذ حياة مشعل بعد المحاولة الإسرائيلية لقتله بالسم ،ومنذ استقبل في عاصمته شيخ حماس ومؤسسها بعد إجبار الدولة العبرية على الإفراج عنه.
في الحدث: مشعل .. الزيارة المفتاح
نشر في: 30 يناير, 2012: 09:29 م