TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > قرطاس: لـسـنـا مغفّـلـين!

قرطاس: لـسـنـا مغفّـلـين!

نشر في: 31 يناير, 2012: 07:40 م

 أحمد عبد الحسينلا أدري لمَ يتصوّر مَنْ يصل إلى السلطة أننا، شعب العراق، حشد مغفّلين، يمكنه أن يضحك عليهم بأكاذيب يجتهد أن تكون غير قابلة للتصديق حدّ السخرية، لكنه يعتقد أنه حين يقولها متجهم الوجه متصنعاً الجديّة فذلك يكفي لتمريرها على شعبٍ طالما سكت عن أكاذيب أكثر إضحاكاً من قبلُ.
سكوت الشعب لا يعني طبعاً انه يصدّق ما يقال له، كتب ابن صدام الأكبر يوماً أن والده لا يملك إلا بدلة واحدة اهترأتْ من كثرة الغسيل والكيّ، وأن عائلة صدام أضاعتْ بطاقتها التموينية مرةً فاضطرتْ للتقشف وذاقت الجوع في ذلك الشهر قبل أن يجددوا البطاقة.هل كان عدي صدام يظنّ أن الناس ستصدقه أم انه عوّل كثيراً على عدم قدرة الناس على الانتقاد، أم لعلّه اطمأن إلى قدرة جيشه الإعلاميّ الكبير على تسويق هذه الكذبة، تلميعها، صبغها وزركشتها وتزيينها وتكرارها بألف صيغة وصيغة لتبدو أقلّ فنطازية؟ أغلب الظنّ انه أبله، لكنه لم يكن من البلاهة حدّ الظنّ بتصديق الناس له، غير انه كان يتسلى، يتسلى  بسخريته منهم، بقدرته على "خورفتهم" غير عالمِ أن سخرية العراقيين منه ومن أبيه كانتْ أشدّ، وأنهم يعرفون الفيلم، وأن هذه الكلاوات كانت تسلية العراقيين أيام الحصار.بعض المسؤولين اليوم، ممن حطّ على رأسه طائر السعد، ملّوا من التسالي كلها فلجأوا إلى هذه التسلية: السخرية من العراقيين. قبل أيام أعلن مسؤول كبير انه لا يملك حساباً بنكياً سوى واحد وفيه عشرة آلاف دولار فقط لا غير. قالها بتجهم ووجه خال من الانفعال وبجديةٍ خرافية منعتني من الضحك.أعرف أن ابن هذا المسؤول يملك في دبي عقارات تعادل ميزانية العراق لشهور، وأعرف أن موقع اليوتيوب مليء بأفلام عن هذا الابن تبيّن مدى ثرائه "الفاحش حقاً"، وأعرف أن هذا "الكلاو" لن يصدقه أحد حتى ولا من نطق به.ربما عوّل المسؤول على جهاز إعلامه الذي سيقوم فوراً بإنشاء مدائح وتواشيح تمجّد زهده العلويّ، فاللحيسية باتوا هم الأعلى كعباً في الإعلام، ألم يكتب احدهم يوماً عن حكمة وحلم الجهاز الأمنيّ الذي ضرب مجموعة من "زملائه" الصحفيين واعتقلهم لأيام؟ أو لعلّ سيادة المسؤول قال لنفسه أن الناس الذين ارتضوني مسؤولاً لا بدّ  من أن فيهم من السذاجة ما يجعلهم يصدّقون كلّ شيء.أنا على يقين أن من صدّق يوماً ما أن صدام له بدلة واحدة، وأنه جاع شهراً لأنه أضاع بطاقته التموينية، سيصدّق حتماً أن ملكية مسؤولنا هي عشرة آلاف دولار فقط، وبما أننا ـ نحن شعب العراق ـ لم نصدّق صدام ولا ابنه، فلن نصدّق هذا المسؤول ولا ابنه.لسنا مغفلين، جيش كامل من اللحيسية وأذنابهم لن يجعلنا مغفّلين، لكننا صامتون لأننا نريد أن نتسلّى، أن نضحك عليكم كما تضحكون.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram