TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > نقطتين شارحة: "زيــدي فــامـيـلــي"

نقطتين شارحة: "زيــدي فــامـيـلــي"

نشر في: 1 فبراير, 2012: 10:02 م

 مازن الزيديلست ممن يقدس الانساب، التي لا يعلم حقيقة نقائها حتى الراسخون بالعلم، الا بقدر ما تمثله من وسيلة للتواصل الانساني البعيد عن المصالح والعصبيات الغريزية العمياء. ورغم انحداري من سلسلة بشرية متصلة ومترامية الاطراف تمتد من الموصل شمالا الى البصرة جنوبا لم احتف يوما بـ"شجرة العائلة" الباسقة، بما في ذلك الفروع القريبة جدا،
والتي يحفظها البعض ويتداولها مصاحبة بطقوس الاجلال والاكبار وذكر المآثر ما صح منها وما لم يصح.. فلحسن الحظ اني لا احفظ اسم الجد الخامس من هذه السلالة، رغم محاولات الجد تلقين حفيده اسماء الاسلاف، وهو ما يجعلني في موضع ازدراء "زملاء القبيلة" في اغلب الاحيان.ولكي لا يقع الحديث عن جينالوجيا العائلة الكبيرة في مطب التعميم وارسال الكلام على عواهنه، كما يقول رجال الجرح والتعديل، فلابد من الاعتراف بان اغلب عشائرنا وقبائلنا، سواء العربية وغير العربية، لازالت تحتفظ بالقيم والشيم الاصيلة التي يتصدرها الصدق والوفاء والنخوة والكرم رغم احتفاظها بصفحات سوداء ملطخة بالعار او الدم احيانا.. فعلى سبيل المثال يردد ابناء مدينة الشطرة، التي انحدر منها، شيئا اشبه بالاسطورة عن "سنة لوعة" التي كان بطلها احد الاجداد الذي تصرف بما يملك، كاحد المشايخ آنذاك، من ماشية لاطعام ضحايا تلك المجاعة التي اتت على ثروته الكبيرة وورثتنا نحن ذريته سوء الحال واضطراب البال طيلة القرن الماضي!لست فخورا باسطورة ذلك الجد الافتراضي كما اني لست غاضبا من ذلك لاني اؤمن باني "زيدي بالصدفة وانسان بالضرورة" كما كان يردد مونتسكيو بتصرف. فالاسطورة والجد الراحل سيان بالنسبة لي شخصيا، لكني بالتأكيد احتفل بدلالات مثل هذه الحكايا التي تعكس قيم التكافل والتسامح بين سكنة هذه الارض.وبقدر اعتزازي بالسمعة الطيبة التي يحتفظ ويحافظ عليها ابناء الاسرة الصغيرة، لكني لا اخفيكم غضبي وانزعاجي الكبيرين من بعض الاسماء، وهي ثلاث او اربعة اسماء، التي تشاركني بحمل لقب العائلة بسبب تبنيهم آراء وسلوكيات اعتبرها شائنة تستحق اقسى انواع العقوبات المتاحة عشائريا. هذا الاحساس الغاضب شعرت به لاول مرة عندما قام احدهم، وهو ينتمي للاسرة الصحفية، بدور البطولة في حادثة رشق الرئيس الاميركي السابق جورج بوش بالحذاء، عار لحقني لمرتين، الاول بسبب رابطة النسب والاخرى بسبب رابطة المهنة. هذا السلوك الخارج عن لياقات الادب والبعيد عن اصول المهنة اشعرني بحرج كبير في لقاءات جمعتني ببعض المسؤولين والصحفيين الاجانب منذ ذلك التاريخ، على الرغم من الاحتفاء، وانا برئ منه قطعا، الذي كنت الاقيه في بعض الدول العربية التي كانت تتمجد بهذا البطل الفقاعة.رئيس مجلس محافظة بغداد يحتل المرتبة الثانية في "البلاك ليست" التي وضعتها للشخصيات القلقة في القبيلة على خلفية شنه حربا شعواء ضد الحريات العامة في العاصمة بغداد وتبنيه خطابا غاية في التشدد ازاء الاخر المختلف في السلوك والرأي... كان جبيني يتصبب عرقا كلما سمعت باسمه واشاهد عيون الاصدقاء تلاحقني بشيء من الشيطنة المقصودة.ثالثة الاثافي لم تك سوى وزيرة المرأة التي لم تبق ولم تذر لقريبها السابق، في مجال التشدد والاصولي، وهي ترأس وزارة مسؤولة عما لا يقل عن 5 مليون ارملة واضعاف هذا العدد من العراقيات اللائي يطاردهن التشدد الديني والاجتماعي والسياسي فضلا عن العوز والحرمان والخوف. الشجرة التي تمتد فروعها الى ديالى، لم تك اكثر حظا من اجنحتها الاخرى في محافظات العراق، بل اني ازعم ان سوسة الارهاب والتطرف نخرتها واتت على ما تبقى من رونقها حينما بات احد ابنائها زعيما لتنظيم دولة العراق الاسلامية وقائدا بارزا في تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين. تصوروا اني ابن عم خليفة الزرقاوي؟هل اكتب حاليا براءة من شجرة لا احتفي بها اصلا، ام اني اسطر محنة هذا البلد الذي بات يتلقفه المتطرفون ويأخذونه الى المجهول، لا اعلم!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram