TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > قمة القمامة

قمة القمامة

نشر في: 5 فبراير, 2012: 07:24 م

محمد سعيد الصكارتتناطح التصريحات والتوكيدات من جانب المؤسسة الرسمية في العراق،  على أن القمة العربية ستعقد في بغداد في أواخر شهر آذار( مارس)المقبل 2012. ومن أجل ذلك وغيره جاء السيد نبيل العربي رئيس الجامعة العربية ليحل مشاكل الأمة في ثلاثة أيام يقضيها في قصور بلد الرشيد، وإذا به يعود هاربا بعد يوم واحد، نتيجة سقوط قذيفة هاون في المنطقة الخضراء، وهو أمر مألوف عندنا نحن العراقيين، ولكنه ليس مألوفا في أي مكان تحميه القوات الأمريكية، وقوات حماية بغداد .
يقول ناطق باسم السيد المالكي، مالك زمام الأمور في العراق  :        «ولعل من ابرز ما أثمرت عنه الزيارة ، (يعني زيارة نبيل العربي )  تأكيد رئيس الوزراء نوري المالكي جاهزية بغداد لاستضافة القمة العربية آذار المقبل، وإعلان العربي الالتزام بذلك  » .إذا كان هذا رأي السيد المالكي، ورأي ضيفه المرحب به، في النظر إلى واقع الحال في العراق، فلنا، نحن العراقيين، أو كثرة منا، رأي آخر؛ وهو أن هذه القمة لن تأتي بأفضل مما عقدته قمم قبلها لم تنتج غير بيانات وتوصيات لم ينفذ شيء منها؛ ولسنا بحاجة إلى التذكير بها فهي معروفة لدى الجميع  .       أما حماسة السيد نبيل العربي ونائبه السيد بن حلي وممثلنا في الجامعة العربية الدكتور قيس العزاوي، وقبلهم  رئيسنا المالكي، فهي من قبيل اليقين المسبّق بكون هذه القمة لن تقوم، لأسباب غير ما يتبجح به الفريق قاسم عطا من ضمان استتباب الأمن على أساس ما عودنا عليه في كون   ( الوضع تحت السيطرة  ).      قد يكون الأمر كذلك، وهو ما نرجوه؛ ولكن للمسألة وجوها أخرى  ، غير الانضباط الأمني الذي لا يقتضي غير ساعات ينفض بعدها الاجتماع الموقر، ببيان يخلو من بلاغة اللغة العربية  . كالمعتاد؛ يطمئننا بأن الأمة بخير، وأن كل العواصف التي تحدق بهذه الأمة هي محنة طارئة ستمرّ كما مر سواها، والأمر بعدئذ لله  .      ولكن المضحك في هذه الدورة المؤملة، أنها ستكون قمة بلا قمم، كما سبق لنا القول في مقال سابق، فقد تدحرجت تلك القمم إلى الحفر والمجاري، وأخذت حقها من المذلة والهوان، ونحن بانتظار أمثالها.      يعطينا ساسة عراقنا الجميل مساحة واسعة للحيرة والذهول تجعلنا نتخبط في التقديرات والتطلعات وتحديد المواقف، ومعرفة أهدافهم وتوجهاتهم وما ينفعنا منها وما يضر  .       فليس لدى ساستنا غير رنين الكلمات الجوفاء التي أحسنوا صياغتها بطول الممارسة طيلة السنوات الثماني  .      ومنها هذا التبشير الفاضح بقمة عربية تعقد في بغداد في ظروف لا يستطيع فيها العربي، أينما كان، أن يلتفت إليها وهو في زحمة التغيير لكيان الأمة المتهالك، وتطلع أبنائها إلى فجر جديد يستعصي على الجامعة ومن معها استشراف آفاقه وما يقدمه من تضحيات لا يمكن لشيوخ الجامعة العجزة إدراكها  .      فماذا عسى أن تفعل هذه الجامعة التي لم تستطع طيلة عمرها أن تصدر غير البيانات الشبيهة ببيانات الصين المئوية التي شهدناها منذ الخمسينيات، دون جدوى. وما الذي يستطيع أن ينفخه السيد العربي في كيان هذه الأمة التي لم يستطع سلفه عمرو موسى، رغم عهود ولايته، أن يحرك ساكناً فيها؛ وما الذي يفيدنا من هذه القمة التي ستبدأ فاشلة وتنتهي بفضيحة كون بغداد في أدنى السلم من كل ما أنعم الله به على عباده .      ولماذا هذه التحضيرات والبذخ والكرم الحاتمي والإجراءات الأمنية التي تستنفد حصة الملايين من المحتاجين الذين حشرتهم تقارير ميرسير للاستشارات في أسفل جدول فقراء العالم  .      وإذ كنا نخمن أن قادة أمتنا العربية سيوفدون موظفي الدرجة الثانية لحضور القمة، وهو الأمر المنطقي في خشية الرؤساء من الحضور، فعلام هذا النفخ الذي لا يزيل مزابل العاصمة، ولا يرمم مبانيها، ولا يمهد سبيلا سويا لسير مواكب الرؤساء إلى قاعة المؤتمرات؟ وفي تحصيل الحاصل، ما الذي تجنيه الجامعة العربية من هذه القمة المفتعلة التي يعرف كل شخص فيها أنها غير ذات أثر ولا قيمة إزاء ما تمر به الأمة العربية من تحولات تقذف بالجامعة العربية إلى ما وراء ما يؤسسه الجيل الجديد من مآثر، وما كان يأمله منها من خلال قمم لم تأنه بغير الصور التذكارية التي لم يحفظ منها غير ما جاءت به المواقع الإلكترونية، تأريخاً لهذه الفضائح.       قبل أن تستنفر قواتنا الوطنية المبجلة استعدادا لهذا الحدث التاريخي، وقبل أن يستعد وفدنا العراقي لهذه القمة  . بل قبل أن يقبل بقيامها، عليه أن يفكر بما يمر به العراق في هذا الوضع العصيب، وما يحتاج إليه من إعمار وإنقاذ من تقارير ميرسر للاستشارات التي تحرص على ترويجها بعض دول ا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

بغداد/ المدى تنطلق فعاليات الدورة الخامسة من معرض العراق الدولي للكتاب، في الفترة (4 – 14 كانون الأول 2024)، على أرض معرض بغداد الدولي.المعرض السنوي الذي تنظمه مؤسسة (المدى) للإعلام والثقافة والفنون، تشارك فيه...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram